قراءة فى حرب المسيرات

الأربعاء 8 من شوال 1445 هــ
العدد 50171
الحرب فى غزة، وفى المنطقة، مستمرة حتى إشعار آخر.. قد تخف وتيرتها، لكن أعتقد أنها لن تتوقف، ولا أتوقع ردا إسرائيليا مباشرا على ضربة ليلة ١٣ و١٤ أبريل الإيرانية، أو ليلة المسيرات، والصواريخ المنطلقة من طهران إلى تل أبيب مباشرة، ومدن الاحتلال الحدودية، وكأن منطقتنا كانت تنقصها هذه النوعية من «الحرب المتجددة» بأسلوبها، وأهدافها، ورسائلها بين الأطراف المتعاركة لتكتمل منظومة الاضطراب الإقليمى داخلها، وحولها، حيث المسيرات، والصواريخ قادمة من أكثر من 1000 كيلو متر، وتمر على أكثر من عاصمة، والحلفاء، والمؤيدون، والمعارضون لطهران يتابعون مسارها.
لقد خاضت المسيرات، والصواريخ رحلة مثيرة، وعلنية، وليست غامضة، بل هى تحت رقابة عبر الشاشات من أكثر من جهة طوال الوقت، حيث التقطت الصور بوضوح، وشاركت كل القوى العسكرية الموجودة فى الشرق الأوسط (أمريكية، وبريطانية، فرنسية.. وغيرها) فى إسقاطها، واصطيادها، ولم تكن المخاوف بين الطرفين كبيرة مثلما يحدث فى الحروب العادية، فالكل توقع محدودية الخسائر، والإيرانيون لم يدخروا جهدا فى إيصال الرسائل عن موعد وصول الصواريخ، والمسيرات إلى أهدافها، بل انتظروا أسبوعين حتى يكون الرد واضحا، وكانت الأهداف معلومة للطرفين، مسبقا، وكانت المعركة محكومة، ومحسومة، بل إن الطرفين احتفلا مبكرا بتحقيق أهدافهما، وانتصارهما، ففى طهران السعادة غامرة بلا حدود: «لقد استرددنا كرامتنا، وقمنا بالرد عسكريا على إسرائيل»، والإسرائيليون سعداء بالذهاب إلى الملاجئ، ومحاصرة الصواريخ، والمسيرات، ومنعها بالتكنولوجيا الإسرائيلية، والأمريكية، والغربية، من اصطياد أى هدف، وهم هنا يعلنون كفاءة قواتهم بلا حدود، بل يستردون مكانة «جيش الدفاع» المهدرة جزئيا فى حرب غزة. وأخيرا، فإننى أرى أن علماء العسكرية، والإستراتيجية، والجامعات، والأبحاث سوف تشغلهم هذه الحرب كثيرا، بل طويلا، لأنها، كما يقولون، ستكون نموذجا لحروب المستقبل، حيث التدمير المحكوم، والمدار سلفا يساعد فى إنعاش مؤسسات السلاح، وعدم توقفها، وعدم انزلاق العالم إلى حروب كبيرة مدمرة.. وهكذا يعيش الشرق الأوسط، وأهالى غزة يترقبون، والكل ينتظر، ويتابع، فقد أصبحت نتائج الحروب فى عصرنا الراهن تختلف من حيث الحكم عليها، والزاوية، والرؤية، والاتجاه.
