«مصر من أول الخلق»

الخميس 22 من ذي القعدة 1445 هــ
العدد 50214
لم تعطنى الأحداث المتلاحقة، والتطورات المتتابعة فرصة، خاصة حالة الحرب على أهلنا فى غزة، لمتابعة، كما تعودت، إصدارات زملائى، على الأخص فى «الأهرام»، وإبداعاتهم الفكرية، والأدبية التى أقدرها كثيرا، حتى تَجمّعَ لدىّ الكثير منها الذى يجب أن أراجعه معهم، وأكتب عنهم، فهم، فى حد ذاتهم، حدث يحرك العقول، فقررت أن أخصص آخر الأسبوع لهذه الإصدارات كى أشاركهم هذا الحدث بالقراءة، والعرض، فهم يصنعون الأحداث، ويجددون أفكارنا.
لقد سعدت بإصدار الدكتورة هالة أحمد زكى المعنون «مصر من أول الخلق»، وهو إصدار قراءته سلسة، ويعرفنا بقصة مصر، وهو رواية وقصة معا، كما أنه تاريخ، بل جغرافيا، وفصول عن حياة مصر، وأهلها، حيث يحكى تاريخ الوطن وأهله (حياة الناس فيه)، وكيف صنع المصريون من حياتهم حكاية لا يستطيع أحد أن يسبح فى بحارها العميقة غيرهم، كما اصطحبتنا الدكتورة هالة، ابنة زميلنا الراحل أحمد زكى، فى سطور التاريخ على أرض مصر، وكم كنت سعيدا بك يا دكتورة مثل أبيكِ تماما، رحمه الله، الذى أُحبه، وأُقدره جدا، وأتساءل: هل هذا كتاب هالة، البنت الصغيرة، التى كان يصطحبها أبوها إلى «الأهرام»؟.. لقد كبرتِ يا هالة، وأنتجتِ سفرا حقيقيا عن حياة المصريين يستحق أن يقرأه كل مصرى ومصرية ليعرف قصة الحضارة فى مصر، ومن أين جاءت؟، وإلى أين تتجه؟
أوقن أننا كلنا يحب مصر، ولكن عندما تقرأ كتاب الدكتورة هالة ستحبها أكثر، وبعمق، ومعرفة، فأنت أيها القارئ أمام كتاب لا تقرأه فقط، بل تعيشه حتى تعرف بلدك، وعمقه الحضارى، والتاريخى، ولم تنس الدكتورة هالة الأساطير (الجبتانا)، تلك الأعجوبة القصصية التى خطها مانيتون السمنودى، الراوى القديم منذ آلاف السنين، حيث جمعتها فى كتابها الفريد، وأريد أن أختم، ولكن أسألك يا هالة: من أين لك هذا؟.. إلى أن وصلت إلى الصفحات الأخيرة فوجدت أنها لم تترك مرجعا عن حياة مصر بكل اللغات، ولم تترك كتابا من حمدان إلى عويس إلى سلامة موسى إلى عبدالعزيز صالح – إلا وراجعته، فكل التحية للدكتورة هالة أحمد زكى، وسفرها الجميل عن مصر.
