الهجرة.. دلالات ومعية إلهية

الأحد 1 من محرم 1446 هــ
العدد 50252
اليوم مطلع العام الهجرى الجديد، فهو ذكرى عظيمة (اللهم اجعل بداية العام فاتحة خير لنا، ولأهالينا، وبلدنا، والناس أجمعين)، وهجرة الرسول خير هجرة عرفتها البشرية منذ بدء الخليقة، فقد هاجر خير الخلق (محمد صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى المدينة. إننا إذا عدنا إلى صفحات التاريخ وتصفحنا صحيفة المدينة فسنجد أنها أرست الوحدة لتأسيس الأوطان، كما أرست القواعد وهى كرامة الإنسان، وحرية العقيدة، والتعايش السلمى، والإخاء الإنسانى.. ذلك المزيج المختلف فى المدينة بين المسلمين، والوثنيين، واليهود، والأعراب، والعبيد، حيث وفق الإسلام ونبيه بين هذه الانتماءات، والاتجاهات، وأصبح أهل المدينة جميعا أمة واحدة لا تعرف تفرقة بين جنس وآخر، ولا بين لون ولون، ولا بين طبقة وأخرى، وهو ما نحن فى أمس الحاجة إليه اليوم لكى نستطيع أن نقف فى وجه الفتن التى تتعرض لها الأمة العربية، وبعد أن أدركنا معنى الهجرة، وتأسيس الوحدة نقف أمام درس آخر هو سر النجاح، وأساسه التخطيط الجيد، حيث إن من رحمة الله علينا أن وهبنا عقلا، فقد سلك النبى صلى الله عليه وسلم فى هجرته طريقا غير الطريق المعتاد الذى تذهب منه قريش إلى المدينة، وهو شمال مكة، وسار فى طريق عكسى هو جنوب مكة، وكان يمشى بالتعريج، أى تارة يمينا، وتارة أخرى يسارا، وهى رسالة للمسلمين ليعتمدوا على التخطيط الجيد، ويأخذوا بالأسباب لإقامة مجتمع إنسانى واحد مثل الذى أقامه رسولنا فى المدينة بعد الهجرة. أما دلالات الهجرة فإن من كان مع الله كان الله معه، ومن كان الله عز وجل معه فلا يحزن، ولا يجزع، ولا يضيق، ولا ييأس، لأنه فى معية إلهية، ونتذكر دائما نبينا حينما قال لصديق الرحلة أبى بكر: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما»، فأعمى المشركين عن رؤيتهما، ونسج خيوط العنكبوت، وأخيرا، سوف تظل أمتنا ترنو إلى الهجرة، وهى مفهوم فى حاجة إلى فهم عميق.. عام هجرى سعيد (1446)، وكل عام مصرنا، وأمتنا الإسلامية والعربية بخير وسلام.
