2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

ثاتشر اليابان!

الخميس 15 من جمادي الأولى 1447 هــ
العدد 50739
لطالما كانت اليابان نموذجا فريدا يجمع بين التمسك بالتقاليد الشرقية والانفتاح على الحداثة والتكنولوجيا، ورغم ذلك ظل المشهد السياسى اليابانى حكرا على الرجال لفترة طويلة. إن نظرة إلى اليابان التى نحتاج أن نتعلم منها، وتقديرنا لليابانيين لأنهم كانوا أول من لفتوا نظرنا بضرورة أن يكون لنا متحف هو الأكبر فى العالم، لأن حضارتنا الفرعونية هى الأهم فى التاريخ الإنسانى، وتقديرا منا أن اليابانيين الذين هضموا الحرب العالمية الثانية بمرها وعلقمها كانوا هم الدولة الوحيدة التى دُمرت بالقنابل الذرية، وتعلموا دروس الحرب والسلام، وهم من أكبر الدول علاقات مع أمريكا وأوروبا، بل هم المنافسون للحضارة الغربية، ويتجهون الآن لإقامة أهم علاقات مع الصين وروسيا. نرى أنهم يخطون خطوة كبرى وتاريخية تمثل منعطفا بارزا فى الثقافة السياسية اليابانية، حيث شهدوا أخيرا تولى امرأة منصب رئاسة الحكومة، وهو ما يعد تحولا مهما فى بلد لطالما عُرف بتقاليده المحافظة، ونظامه الذكورى فى هذه المناصب الحساسة، وهذه التجربة اليابانية تفتح أمامنا نافذة حول مدى إمكان انعكاس مثل هذه التحولات على دولنا الشرقية التى تشترك فى كثير من القيم الثقافية والاجتماعية، فتولى امرأة رئاسة الحكومة ليس مجرد حدث رمزى، بل يعكس تحولا عميقا فى النظرة إلى دور المرأة فى المجتمع والسياسة، ويؤشر إلى إمكان إعادة تشكيل الأدوار التقليدية بما يتناسب مع متطلبات العصر، وها هى تجربة اليابان تشكل نموذجا ملهما يثبت أن التغيير الثقافى ممكن حتى فى المجتمعات الشرقية الأشد محافظة، فتمكين المرأة ليس تهديدا للهوية بل ربما يحمل فرصة لتطوير المجتمعات نحو مستقبل أكثر توازنا. وأخيرا بانتخاب البرلمان اليابانى المحافظة ساناى تاكايتشى أول رئيسة وزراء فى تاريخ البلاد، تدخل اليابان عصرا سياسيا جديدا تتقدمه امرأة تُشبه «المرأة الحديدية» فى عزيمتها، لكنها تختلف عنها فى أدواتها الاقتصادية وطموحاتها الآسيوية، وتُلقب تاكايتشى فى الأوساط اليابانية بـ «ثاتشر اليابان»، تشبيهًا برئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت ثاتشر، التى تعتبرها قدوتها السياسية، ولكن يبقى السؤال: هل ستنجح ساناى تاكايتشى فى إعادة تشكيل ملامح السياسة اليابانية، أم أن «ثاتشر اليابان» ستواجه مصيرا صعبا فى إدارة رابع أكبر اقتصاد فى العالم وسط عواصف الداخل والخارج؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى