ذكاء البابا ليو 14

الخميس 29 من جمادي الأولى 1447 هــ
العدد 50753
منذ انتخابه فى مايو 2025، بعد رحيل البابا فرنسيس الثانى، حرص البابا ليو 14 على انتقاد الرئيس دونالد ترامب بأساليب عديدة، خاصة فى مجالات الهجرة والعلاقات الدولية، مما جعل للفاتيكان ثقلا جديدا على الأخص فى المسائل الأخلاقية الخلافية، فهو يقف ضد القومية المتشددة التى تهيمن على سياسات ترامب تحت شعار «أمريكا أولا»، وكانت ترجمة هذا كله عند لقائه النجم الأمريكى روبرت دى نيرو، وهو ممثل ومخرج أمريكى من أصول إيطالية، ويعد واحدا من أعظم ممثلى هوليوود، وفاز بالأوسكار، وولد بنيويورك، ويبدو أنه وظف مهاراته المميزة فى التمثيل فى كشف تطرف ترامب، وكشف فكرة معاداة السامية، إلى أن كان لقاؤه مع البابا الذى ترجم دور الفنان فى كشف أخطاء السياسة، وأعطى للبابا بُعدا إضافيا لتوظيفه فى كشف أخطاء السياسة. قمتان: رجل دين بارز على المستوى العالمى أراد إرسال رسائل للعالم عبر لقائه نجم هوليوود دى نيرو، بانتقادات لاذعة لترامب، وكلا الطرفين وجدا ملاذهما معا لإعطاء رسائل دينية وفنية. دى نيرو أصبح عدوا لترامب عندما وصفه فى أثناء تسلم جائزة مهرجان كان السينمائية بأنه «رئيس مغرور»، وأردف: «وأوصله غروره للجهل، والدليل أنه يهاجم ويمنع التمويل عن المؤسسات الإعلامية، والفنون، والعلوم الإنسانية، وينسحب من اليونسكو، بل يعلن الحرب على إنقاذ البيئة، وهذه سياسات ليست غبية فقط، ولكن تضر العالم، وتؤذى أمريكا، بل مستقبل البشرية». البابا ليو 14 اعتبر اللقاء خطوة لتدشين شخصيته الإيمانية أمام العالم، ورفضه العنجهية، والتسلط، وبدلا من أن يقول كل ما يريد ويغضب ترامب التقى الفنان الذى يجسد كل هذه الرؤى فى فنه وتصريحاته التى تكشف عنصرية اليمين الشعبوى الذى يمثله ترامب للعالم، فأراد أن يقول إن الكنيسة الكبرى تستند إلى التعاليم الدينية التى تحترم الغريب، وتندد بسياسات الترحيل غير الإنسانية. البابا ليو 14 وجد ضالته فى لقاء فنان عالمى ليؤكد الخيار التفضيلى للفقراء فى التعاليم الكاثوليكية، منتقدا الفجوات المتزايدة بين الأغنياء والفقراء، يرفع لواء الرحمة العالمية وتعاليم الكنيسة الاجتماعية التى تضع الإنسان أولا، ومعتبرا الأزمة البيئية أخلاقية تتطلب عملا دوليا، منتقدا ترامب لانسحاب واشنطن من التزاماتها البيئية، ولذلك فإن لقاء قطبى الدين والفن كان ملهما للعالم.
