السودان.. زيارة ملهمة لمصر

الأحد 16 من صفر 1447 هــ
العدد 50651
كانت الزيارة الأولى لكامل إدريس، رئيس الوزراء الانتقالى للسودان، إلى القاهرة ملهمة، ومحددة فى خِضم الحرب السودانية، وهى الحرب التى جعلتنا نعيش فى المنطقة لحظة مجنونة وتأثيراتها على مستقبل منطقتنا، خاصة فى حدود النيل، ومؤثرة للغاية على كل الحوض، خاصة النيل الأزرق.
أعتقد أن الزيارة، والمباحثات السياسية حاولت أن تقترب من الحل، فحرب السودان الأهلية، وخسائرها الفادحة، هى حرب يجب ألا تكون منسية، لأنها تتم وسط حرب صاخبة فى غزة، وحرب صامتة على الفلسطينيين فى الضفة الغربية، وحروب إسرائيلية فى جبهات متعددة، وصلت قمتها فى ضرب إيران بعد لبنان، واليمن، وسوريا، وغزة، لكننا أبدا لم، ولن ننسى السودانيين، والسودان، ويجب أن نعطيها كل الاهتمام، والعمل على وقف الحرب، لأننا نعرف أن حالة الانقسام الراهنة ستؤدى إلى تفتيت البلاد، وقد وصلت إلى ذروتها، وتحتاج بحثا عربيا جديا، حيث تسببت النتائج الكارثية التى نجمت عن الحرب المستمرة، منذ منتصف أبريل 2023، فى انتشار الكراهية بين أبناء الشعب الواحد، ورغم اعترافنا بفشل الدولة المركزية لعقود فى السودان، فإن الوحدة مازالت تمثل قيمة رمزية كبرى فى الوعى الجمعى السودانى، والطموح لها يتزايد بين السودانيين، ومصر تقف وراء الهدف الأسمى وهو انتهاء الحرب، والحفاظ على وحدة السودان، وشعبه، وأن يعود التعمير، والازدهار للسودان وشعبه الشقيق، والجار المحب لوحدة وادى النيل.
نحن المصريون نشعر بأزمة الحرب السودانية لما يربطنا من مشاعر المحبة للشعب السودانى، فالدماء التى تراق فى السودان هى دماؤنا نحن، لأننا نشرب معا ماء الحياة (النيل)، وتجمعنا العروبة، والتاريخ، والحرب الراهنة تمثل أكبر أزمة نزوح فى السودان، حيث بلغ عدد النازحين 14.3 مليون شخص مع نهاية العام الماضى، أى أن ثلث سكان البلاد نازحون بلا مأوى، والوضع الداخلى يزداد تعقيدا، ومصر أكبر مستقبل للسودانيين، وهم مرحب بهم، ورغم عودة عدد منهم ليس كبيرا، فإن هناك أملا فى استقرار السودان، وأخيرا، الحرب الراهنة، التى تدخل عامها الثالث، آن لها أن تتوقف، وأن تلعب الحكومة الجديدة دورا مهما فى إعادة السودان إلى وضعه الطبيعى بين أمته، لأن السودان روح الأمة العربية، وإفريقيا.
