.. وكانت المفاجأة من القاهرة!

الأثنين 23 من ربيع الأول 1447 هــ
العدد 50687
فى لحظة حرجة ودقيقة، توصلت القاهرة مع إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى اتفاق تاريخى فك الاشتباك الذى يزيد التوتر والحروب فى منطقة الشرق الأوسط كلها، حيث لم ينتبه العالم إلى هذا الدور البارز، الذى شكل مفاجأة من حيث توقيته المؤثر لكل القراءات السياسية، والإعلامية للدور المصرى عالميا، جعل البعض فى الغرب يصف مصر بأنها بعد القضاء على الإخوان لم تعد فقط قلب الوطن العربى، بل أصبحت قلب القرار الدولى بكل أطيافه، ولعل ما غطى على أنه تطور مهم لمنطقتنا أنه حدث فى اليوم نفسه الذى خلطت فيه إسرائيل أوراق الحرب فى المنطقة العربية باعتدائها على قلب الخليج (ضرب قطر بالطائرات العسكرية) بحجة تصفية بعض قيادات “حماس” المجتمعين هناك، والتى سوف تكشف الأيام المقبلة أبعاد هذه الضربة، وتأثيرها على منطقتنا. نعود إلى الحدث الإيرانى، والاتفاق الملهم الذى وصفه رافائيل جروسى، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأنه وراءه حكمة مصر، وعمق خبراتها، ورئيسها عبدالفتاح السيسى، الملهم، والصادق، وكان الاتفاق الذى أعلن عنه بالقاهرة فى ٩ سبتمبر، ووراءه مسار بدأ فى أغسطس بهدف استعادة التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة النووية، واستئناف التفاوض- نجح فى تجنيب إيران عقوبات جديدة تعرف بتشغيل عقوبات “سناب باك” أو ما يسمى “تفعيل الزناد”، بعد المهلة التى تم إعطاؤها لإيران قبل نهاية شهر أغسطس الماضى بواسطة الأوروبيين (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا) وهى شهر للتفاوض، وإذا لم يتم التوصل خلال أقل من ٣٠ يوما، فإن ذلك يؤدى إلى فرض العقوبات الأممية، وهى تتمتع بثقل العقوبات الأمريكية. وأخيرا، الانفراجة التى أعطاها اتفاق القاهرة تعتبر تطورا جذريا نحو استقرارإيران، وإنقاذها من أن تقع فريسة للضغوط الأمريكية- الإسرائيلية، الرامية إلى تصعيد التوتر، والحروب، كما أن الاتفاق يعد خطوة إيجابية نحو خفض التصعيد يجب أن تكتمل بخطوات مهمة بين القاهرة ودول الاتحاد الأوروبى، وواشنطن، وسط الاستجابة الإيرانية، والثقة التى تعطيها لمصر، والمنطقة، بعد حرب فى الخليج تحتاج إلى تطور إيجابى من واشنطن للحفاظ على بقايا نفوذها فى الشرق الأوسط، واتفاق القاهرة يُلقى لكل الأطراف شبكة الإنقاذ، فتحية للقاهرة، والمنظمة الدولية للطاقة، واحتراما للجانب الإيرانى الذى استجاب للمتغيرات.
