أهرام هيكل ونافع «2»

الأثنين 10 من صفر 1447 هــ
العدد 50645
كانا أكثر من تأمل التأسيس والتكوين فى الأهرام الذى أطلقته أسرة آل تقلا فى القرن التاسع عشر إلى منتصف السبعينيات من القرن العشرين، إنهما الأستاذان محمد حسنين هيكل وإبراهيم نافع، الأول حمل أمانة الأهرام عام 1957، وكان صديقا لرئيس مصر (ناصر)، بل هو الوجه الثانى لشخصية «الزعيم» الذى غير بلاده، بل منطقته، من الملكية إلى الجمهورية، وانتقلت باقتصادها من الرأسمالية إلى الاشتراكية. فى غمار هذه المعركة الكبرى فى الوطن كان رئيس الأهرام، الذى اختارته أسرة آل تقلا، المُؤسِسة للصحيفة التى أصبحت (بطول وعرض البلاد) تعبيرا عن الوطن، ومكانته، تنقله للناس والحكام معا- هو الذى يتفاوض، ليس على علو الأهرام فقط، ولكن على تخطيط الصحافة، والإعلام المصرى ككل، فهو المستشار المؤتمن على الجمهورية الوليدة، وقد تم تأميم الأهرام، مثل غيرها من مؤسسات مصر، وانتقلت الملكية من خاصة إلى عامة، وعلى رأسها هيكل يكتب أخبار ناصر، ويصيغ أخبار الدولة، وتحول مقاله «بصراحة» إلى «مانيفستو» تذيعه المحطات، وينتظره الناس ليعرفوا مسار الدولة (الجمهورية). أعتقد أن تأميم الصحافة فى الستينيات غير كل شىء فى مصر، فقد أصبحت العملة العامة ذات السيادة.. قد يكون الأمر اختلط على الناس بين رئيس التحرير الذى يختار الأخبار، ويكتب الكلمة، والمستشار السياسى الذى يختار الوزراء، وأصحاب المناصب العامة، حيث أصبح مندوب الأهرام عمله سياسيا، فهو مندوب الرئيس، سمها ما شئت، فقد احتشد فى الأهرام كل كتاب مصر، وانتقل الأهرام من «مظلوم» إلى شارع الجلاء، فى أحدث المبانى الصحفية فى العالم، شاهدا على قوة الصحافة، وسلطتها، ومع هيكل خطت خطوة أكبر، وأصبحت جزءا من السلطة، ومندمجة مع الشارع. لكن فى منتصف السبعينيات، وتحديدا فى 1974، قفز اسم آخر (إبراهيم نافع) جمع العقليتين (الصحفية والاقتصادية)، وكان أطول نقيب للصحفيين، وقد تحولت المؤسسة فى عهده إلى جامعة، والصحيفة إلى (جرائد ومجلات)، وانتشرت مكاتب الأهرام الإعلامية فى الداخل والخارج، وأصبحت تطبع فى نيويورك، وواشنطن، وباريس، ولندن، وعواصم الخليج، وإذا كان قد كتب لهيكل مكانة سياسية عالية، فإن نافع كتب سطورا اقتصادية مثيرة، والصحيفة تطبع الملايين، بل إن حلم إنشاء «جامعة الأهرام»، وتكاملها حمله نافع ليصبح حقيقة، وغدا أكمل معكم سطورا غالية يصعب اختزالها.
