مؤشرات مقتل الدبلوماسيين الإسرائيليين

الأربعاء 1 من ذي الحجة 1446 هــ
العدد 50577
أخشى كثيرا ألا تتوقف إسرائيل، وأمريكا معها، بالدراسة والتمعن فيما يعنى حادث مقتل الدبلوماسيين فى السفارة الإسرائيلية بواشنطن، فالهجوم الذى حدث فجر الخميس الماضي، يستحق الدراسة المتأنية، والعميقة، لأن الشاب الآخر إلياس رودريجيز (القاتل) هو الآخر ضحية.. كلهم ضحايا الإبادة الجماعية التى تحدث فى غزة.. أتذكرهم يوميا وأنا أسمع بناتى وهنّ يبكين عندما يرين صور ضحايا غزة من الأطفال، والأبرياء، والأسر التى تُهدم البيوت على رءوسهم، أو هم يموتون جوعا، وعطشا، ومرضا، والعالم لا يسأل عنهم.. هذا العجز عن مواجهة الجريمة يخلق جرائم جديدة يعجز الذهن عن فهمها.
نحن بدورنا ندين أى جرائم، لكن الجريمة الكبرى هى ما تحدث يوميا بغزة، وجريمة المتحف اليهودى تُنهى «الاستثنائية» الإسرائيلية التى تسمح لها بالقتل بلا حساب، فقد ظهر جيل جديد يطالب بالقصاص، بل ينفذه، وهذا ما يلزم إسرائيل وقياداتها أن تخاف منه، لأن تبرير الأحداث بمعاداة السامية لم يعد مقنعا لأحد، وجريمة قلب واشنطن قلبت المعادلة بالقرب من البيت الأبيض والكابيتول، حيث تحرك شاب أمريكى ليس له أصول عربية، وليس لديه سجل إجرامي، ليدافع عن أطفال غزة، ويسلم نفسه طوعا، ولم يهرب، وهو من طلب الاتصال بالشرطة.. من يرفض الجريمة ويدفع ثمنها أمام الرأى العام، وقد رفع شعار فلسطين. لقد جاء الهجوم متزامنا مع حملة أوروبية.. لم تظهر هذه المرة فى الجامعات وبين الشباب، بل الحكومات والبرلمانات، ومتزامنا مع حالة من الصمت بين ترامب ونيتانياهو، وأعتقد أن الحدث مفزع لإسرائيل وأمريكا معا، ولذلك سارع ترامب بإرسال كريستى نويم، وزيرة الأمن الداخلي، إلى إسرائيل التى أتصور أنها مطالبة بمكاشفة الإسرائيليين أنهم مطالبون بوقف الحرب فى غزة وليس تعزيز التدابير الأمنية أمام السفارات.. إنه تحرك إيجابى جاء متزامنا مع شعارات رفعها كثير من اليهود فى أمريكا بعد الحادث ،مطالبين بتحويل الألم إلى هدف، فهل يستطيعون؟.. المؤشرات واضحة، لكن اليمين المتطرف، والإرهابيين فى إسرائيل، وحول العالم لا يسمعون، ولا يرون، ومعهم تيار فى أمريكا، ويحتاجون تدخلات أكثر حسما، وأوسع للعالم لوقف حرب الإبادة فى غزة، وصناعة الكراهية فى عالمنا، والتى قد وصلت إلى ذروة لم تصل إليها من قبل.
