حرب وليست لعنة..!

الأحد 10 من شوال 1444 هــ
العدد 49818
عندما اندلعت الحرب الداخلية فى السودان ارتجف العالم، خاصة العرب، وكان فى مقدمتهم المصريون، لأن قلوبنا (دائما) مع الإخوة السودانيين، فنحن نحبهم ولا ننتظر منهم أن يحبونا، وحبنا خالص للسودان والسودانيين عبر التاريخ، فهم رحم قوية لنا، بل أقوى من الأُخُوّة، وبيننا يعيش ملايين السودانيين، ويعملون معنا فى كل مكان. إن هذه الهجرة الواسعة للسودانيين هى نتيجة عدم استقرار السودان منذ استقلاله حتى الآن، حيث انفصال الجنوب بعد حرب استمرت أكثر من 20عاما كلفت السودانيين الكثير، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار، والاضطراب الاقتصادى المستمر، والمخيف، حيث فُرضت على السودان عقوبات مجحفة، تحملها السودانيون، ولا يستطيع أن يتحملها من فرضها عليهم، أو من صنعها. إن السودان بلد شديد التعقيد.. تربته السياسية، والاجتماعية قاسية نتيجة ما مر به، وعليه منذ استقلاله عام 1956 (17 محاولة انقلابية، ٦منها ناجحة، وحربان أهليتان، وصراع وإبادة فى دارفور).
إن ما يحدث فى السودان حرب، وليس لعنة، وهو نتيجة الأوضاع المعقدة، والمتشابكة التى لابد من معالجتها، وإصلاحها، وتصحيحها من السودانيين أنفسهم، خاصة أن التيارات الإخوانية سيطرت على الحكم فى السنوات الماضية ( 30 عاما )، خلخلت خلالها مؤسسات الدولة، ورحلت وهناك قوتان متوازيتان فى السودان. أعتقد أن الأحداث فى السودان تحتاج إلى المعالجة بهدوء، وروية، وإنشاء مؤسسات جديدة، وتحصين المؤسسات القائمة، وإنقاذها من شبهة التقسيم الذى يلاحقها، وذلك من خلال الإصلاح، وهناك فى السودان مئات الشخصيات القادرة على أن تكون سوار الذهب، تلك الشخصية السودانية الفذة التى أخذت السودان إلى الإصلاح، ولم تنتظر أى سلطة، ولكن التيارات الإخوانية انتظرت لتقطف ثمار الإصلاح الذى فعله الفريق الراحل سوار الذهب، وانقلبت على تجربته الإصلاحية. إن قلبى مع أهل السودان الشقيق، وندائى لهم أنه عندما بدأت الحرب فى السودان فإن العالم الخارجى كله فكر فى رعاياه، ولم يفكر فى السودان، وشعبه، فيا أهل السودان خذوا العبرة، وأوقفوا تلك الحرب التى لن يحلها أحد سوى أهل الخير، والصلاح، والاستقامة من السودانيين (العسكريين والمدنيين معا).
