غزة.. والسودان!

الأحد 24 من شوال 1444 هــ
العدد 49832
غزة والسودان تجمع بينهما الحرب، وسقوط المدنيين الأبرياء، والضحايا من الأطفال والنساء، وتهدم المدن وما حولها، وشعور السكان بانعدام الأمل، وضياع المستقبل. لكن قضية غزة موروثة منذ الحرب العالمية الثانية فى صراع دامٍ بين العرب والاحتلال الإسرائيلى منذ ١٩٤٨ حتى الآن، واستيلاء إسرائيل على فلسطين بأكملها بعد ١٩٦٧ ، وطرد شعبها وسط معاناة، وظلم تاريخى، واحتلال استيطانى بشع لأطراف الدولة الفلسطينية وأهاليها باستئساد إسرائيلى مفرط عليها، ومساعدة القوى العظمى، وتخاذل كامل للمجتمع الدولى معها، كما شرح وزير خارجيتنا سامح شكرى فى اجتماع الرباعية الدولية بميونيخ مؤخرا. إن غزة لا تستطيع الحياة، فقد تسلطت عليها ميليشيات، وانقسمت عن الضفة الغربية (شطرها الإستراتيجى) فى حصار استمر عقودا، والآن تستخدمها حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة لتثبيت أركانها وسط ظروف تهزها، بل تهدد هذا الكيان بالانقسام والتشرذم، والذى يحتفل بعد أيام بمرور ٧٥ عاما على قيامه، وسوف تثبت الأيام للعقلاء (إذا كانوا موجودين فى عالمنا) أن الفلسطينيين لن يتخلوا عن المقاومة حتى قيام دولتهم، وتحقيق استقلالهم. لقد أحسنت مصر صنعا بعدم تخليها عن الفلسطينيين، وقضيتهم، ومساعدتهم بأمانة ويدًا بيد فى وقف الحرب هناك، وإتاحة الفرصة للغزاويين للحياة، الذين أقسم أنهم إذا أتيحت لهم فرصة ولو بسيطة فسيثبتون وجودهم فى هذا العالم، بل يستطيعون أن يسبقوا إسرائيل فى التنمية، والبناء، والتطور، لأنهم شعب مذهل، وقوى، ومخلص، فهم أشداء، وتحملوا كثيرا. أما أشقاؤنا أهل السودان الطيبون، فقد فاجأتنا الأنباء المبشرة بأنهم توصلوا، بمساعدة فاعلة من السعودية وأمريكا، وأشقائهم فى مصر والإمارات، إلى هدنة بين طرفى المعادلة العسكرية هناك، حيث لا يستطيع أى منهما حسم الصراع الدامى إلا بحرب أهلية، وهدم البلد على رءوس ساكنيه الذين يعانون أوضاعا اقتصادية قاسية، وحروبا منذ استقلالهم فى الخمسينيات حتى الآن. أعتقد أن العرب يحتاجون إلى أن يتعاونوا معا، ويتغيروا بما يتناسب مع العصر، وعليهم أن يثبتوا ذلك لأنفسهم أولا فى قمتهم المقبلة بالرياض بعد أيام، فبناء المنطقة، وإنقاذ شعوبها مسئولية خطيرة يتحملها الجيل الحالى أمام الأجيال القادمة.
