سلطان عُمان..!

السبت 7 من ذي القعدة 1444 هــ
العدد 49845
يجب ألا يفوتنا إدراك معنى زيارة هيثم بن طارق، سلطان عُمان، لمصر، فى أول رحلة له إلى القاهرة، والتى كانت يومى الأحد والإثنين الماضيين (بعد أيام قليلة من القمة العربية)، وهو أن الحكمة العُمانية مازالت موجودة، وقوية، وحاكمة للمسارات المستقبلية للسياسة العربية ككل، وأن المكانة المصرية فى محيطها العربى، والإقليمى قوية، وثابتة، وفى المقدمة.. لا يسبقها، أو يعلو عليها أحد، فهى نقطة الاستنارة، والاستقامة.
كما يجب ألا ننسى أن سلطنة عُمان، بما تشكله من الاستمرارية، وعمق الرؤية، هى فاتحة التطورات المهمة التى شكلت السياسات العربية فيما بعد قمة جدة، فهى التى فتحت على أرضها، وبرعايتها، المفاوضات السعودية – الإيرانية، وكانت بواكيرها فى عُمان قبل الانتقال إلى بغداد، ومنها إلى الرعاية فى بكين، وصولا إلى عودة العلاقات بين البلدين.
كما أن عُمان فتحت الطريق أمام عودة العلاقات مع سوريا، وأجرت مفاوضات مكثفة مع كل الأطراف لحل المسألة السورية، ومازال الأمر له تأثيره، بل بريقه، لأن الرحلة الثانية لسلطان عُمان، بعد مصر، كانت لإيران لاستشراف أفق العلاقات، فى ظل الصعوبات، والمقاطعات العالمية، وما أشبه الليلة بالبارحة، فقد سار السلطان هيثم بن طارق، على نهج السلطان الراحل قابوس، مؤسس عُمان الحديثة، ونهضتها الراهنة، بموقفه التاريخى من العلاقات مع مصر بعد «كامب ديفيد»، حيث حافظ على العلاقة القوية بين البلدين، وهى ما حفظناه له، ولعُمان على مر التاريخ.. لقد كان، رحمه الله، يقول بحكمة إننا ندعو إخواننا القادة العرب إلى نبذ خلافاتهم جانبا، والعمل بجد، وإخلاص على تحقيق أهداف العرب، بل مازلنا نذكر من مأثورات السلطان الراحل عبارته الشهيرة «ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر كانت عنصرا أساسيا فى بناء الكيان، والصف العربى، وهى لم تتوان يوما فى التضحية من أجله، والدفاع عن قضايا العرب، والاسلام، وإنها لجديرة بكل تقدير»، ونحن نعتقد أن قابوس هو رجل التوازنات الصعبة فى منطقة ملتهبة، وها هو خلفه هيثم بن طارق يثبت أنها سمة لعٌمان، بل ميزة تخص سلاطينها، واستمراريتها فى عالمهم المعاصر.
