2023حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

كيسنجر فى الصين..!

الأربعاء 8 من محرم 1445 هــ
العدد 49905
أعتقد أنه ليس هناك أحد أسعد من هنرى كيسنجر، سيد الدبلوماسية الأمريكية بلا منازع، ووزير خارجيتها السابق (١٩٧٣-١٩٧7)، الذى يحتفل بمئويته حيا معافى، وشديد الحيوية، والدور، والفاعلية على المسرح العالمى، وليس الأمريكى وحده – وهو يستقبله الرئيس الصينى، ورجلها القوى، شى جين بينج ( ٢٠٢٣)، ومعه كبار المسئولين الصينيين، بحفاوة بالغة، وهو الرجل الذى تجاوزت سنوات عمره المائة فى مايو الماضى، ومازال قادرا أمام العالم كله على وقف الحروب، والأزمات الطاحنة بلا مناصب، ولكن يصنع التاريخ، ويمارس الدور نفسه الذى لعبه قبل أكثر من ‫نصف قرن حينما زار الصين سرا عام ١٩٧٢، وفتح الباب للتحول الهائل فى العلاقات الأمريكية- الصينية، فالتاريخ لا يعيد نفسه، وإنما كيسنجر نفسه اليوم هو التاريخ، ويصنع الحاضر، والمستقبل.

لقد غيرت زيارة كيسنجر الماضية العالم، وحسمت صراع الحرب الباردة مع روسيا، وهو يقول إن الصين وأمريكا اليوم لن تكون بينهما حرب ساخنة، أو باردة، فأى عظمة تلك التى يحققها هذا الرجل الذى يحمل على أكتافه ١٠٠ عام من الحكمة، والعمل المتواصل؟!، فهذا السياسى، والدبلوماسى الألمانى الأصل، الأمريكى الدور، والمكانة، يلعب دوره بمهارة، ويقدم نصائحه الجيوسياسية بمهارة أكبر، وقد اجتهد بما يكفى منذ أن هاجر فى سن العشرين لينال هذه المكانة الأمريكية، والعالمية.

لقد وجد أكبر اقتصادين فى العالم (أمريكا، والصين)، والأهم سياسيا، وعسكريا، فى استحضار تاريخ كيسنجر صورة للمستقبل، حيث اجتمع كيسنجر فى منزل «دياويوتاى» مع «شوان لاى» منذ نصف قرن لصناعة التاريخ، والآن أصبح اجتماعه مع «شى» فى المنزل ذاته له نفس التاريخ والمكانة.

ولعل من المفارقات أن كيسنجر، الذى ظل يصول ويجول سياسيا، عاشق لكرة القدم، وكان يريد أن يرى بيليه، ومارادونا يلعبان الكرة فى أمريكا، وها قد عاش ليرى ميسى اللاعب الأشهر، والفائز بالكرة الذهبية ٧ مرات، يلعب فى إنتر ميامى الأمريكى، ليجذب الجماهير الأمريكية إلى الكرة، رغم أنها لا تحبها.

أعتقد أن كيسنجر الذى يكسب فى السياسة، والدبلوماسية، يكسب أيضا فى الكرة، ويدعم ذلك عمله، فهو طوال العمر ظاهرة متفردة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى