مفترق جاد.. وخطير!

الخميس 1 من جمادي الآخرة 1445 هــ
العدد 50046
عندما تحدث مواجهة كل الأطراف الإقليمية والعالمية بالموقف الراهن من الحرب الإسرائيلية المجنونة على قطاع غزة؛ فإن الموقف المصرى سيكون هو الأقوى، والأكثر وضوحا، خاصة فى عملية السلام الراهنة، والدائرة فى منطقتنا منذ أكثر من 4 عقود بين مصر وإسرائيل. لقد احترمت مصر الاتفاقية بشقيها المصرى والعربى- الفلسطينى، بل إن مصر سعت إلى ضم الإقليم كله إلى وجهة نظرها، ورغم الخلاف الحاد الذى نشب فى بداية السلام، وبين وجهتى النظر عربيا، فإن مصر أوفت بإقناع أشقائها العرب؛ فكانت مبادرة السلام العربية شاملة كل البلدان العربية، حيث نجحت مصر فى ضم الأردن، وكانت اتفاقية عربة، أما فلسطينيا، فإن المسار طويل منذ اليوم الأول للسلام، لكن أوسلو، ومدريد، وعودة عرفات، وقيام السلطة الفلسطينية- كلها إشارات واضحة إلى أن السلام يسير على الجانب العربى، أما أمريكا، شريك السلام، فقد فشلت تماما فى إقناع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالمسار الذى سرنا عليه، وأصبح علينا مواجهة إسرائيل وأمريكا لأنهما المسئولتان عن استحقاقات السلام، بل التسليم بحقوق الدولتين، وما الحرب الراهنة إلا نتيجة للسياسات الأمريكية الضعيفة، والإسرائيلية اليمينية المتطرفة التى ضربت باستحقاقات السلام عُرض الحائط، وعرّضت الفلسطينيين لمخاطر كثيرة فى غزة، والضفة، والقدس بالاستيطان، وضياع الأفق السياسى، وتحاول إسرائيل الآن أن تخلط الأوراق.
نحن الآن أمام مفترق جديد جاد، وخطير، حيث الإسرائيليون يدفعون قطاع غزة لتهديد السلام الإقليمى الذى قامت به مصر، وتحملت تبعاته، وهكذا يبدو لنا فى الأفق أن هناك مؤامرة يدفع ثمنها الشعب الفلسطينى، ويريدون أن تدفع مصر ثمن تصفية القضية الفلسطينية، والعالم يجب أن يتحمل مسئولياته. أعتقد أن مصر تملك الكثير من الأوراق التى تفتحها للجميع، لأن تأخير السلام الإقليمى- العربى مسئولية دولية، وكذلك مسئولية كثير من دول الإقليم التى وقفت ضد الحل الذى ملكت مصر رؤيته مبكرا ومن خلاله استمرت القضية الفلسطينية حية، وإسرائيل رفضت، وماطلت، وساومت (ولا تزال)، حيث أرادت أن تأخذ التسليم، ولا تسلم بحقوق الفلسطينيين البتة فى الأراضى المحتلة ما بعد ١٩٦٧، وأعتقد أن لحظة الحقيقة قد حانت لمكاشفة كل الأطراف بأخطائهم، وإنقاذ الشعب الفلسطينى، وقيام الدولة التى انتظرناها منذ 4 عقود.
