مصر والسيسى.. وحرب غزة

السبت 15 من صفر 1447 هــ
العدد 50650
كانت مصر تقرأ الحرب فى غزة منذ أن اندلعت أحداث 7 أكتوبر 2023، فقد كان هدف الاحتلال الإسرائيلى تصفية القضية الفلسطينية عبر تفكيك منهجى لوسائل الحياة فى غزة، والضفة، فى الوقت نفسه، كل بأسلوب مختلف، لكن حماس والفصائل الفلسطينية التى خرجت على سلطة رام الله لم يقرأوا أى شىء، وكانت قراراتهم كلها تصب فى مساعدة إسرائيل (بحجة المقاومة)، سواء بقصد أو غير قصد، والقمم العربية المتتابعة منذ بداية الحرب كلها تقف ضد السياسة الإسرائيلية التى أخذت من عملية حماس تكأة لها، وانطلقت لتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسرى بالإغراء، أو القمع، والإبادة، وصولا للتجويع، ولأول مرة (قديما وحديثا) تصل الحروب إلى التجويع، وصنع الكراهية بين الشعوب، حيث فعلها نيتانياهو، ووافقت عليها أمريكا فى الإدارتين (الجمهورية، والديمقراطية سابقا).
لقد كان التصريح الأخير للرئيس السيسى، فى حضور رئيس فيتنام، يعنى فهما دقيقا لطبيعة الحرب، وتحولاتها، واستطاع بحنكته أن ينقلها واضحة للعالم، حيث هدف الحرب إنهاء المشروع الوطنى الفلسطينى، وأن ما يجرى فى غزة ليس مسألة أمنية، بل إبادة، والصمت عليها شراكة فى الجريمة، وأن الدور المصرى واضح للجميع، وأن معبر رفح لن يكون إلا للخير، والمساندة، وليس تصفية القضية، وقد قالها الرئيس السيسى بوضوح فى بداية الحرب، وكررها مرات عدة، وأن العالم سيحاسب دولا كثيرة على موقفها من الحرب، والضمير الإنسانى لن يصمد طويلا بعد 22 شهرا من الحرب، حيث الإسرائيليون يقولون لا يوجد مدنيون فى غزة، أو أبرياء، والعقاب الجماعى وصل منتهاه (مجاعة جماعية، وحصار كامل، وإبادة)، وإسرائيل وجماعة منها سعداء بالانتقام عسى أن يشبع شهوة أعضاء اليمين المتطرف وهم يتابعون الجوعى يبحثون عن كسرة خبز.
وأخيرا، وليس آخرا، مصر ستظل داعمة للفلسطينيين على أرضهم، وسوف تواصل إجهاض كل المخططات الخبيثة لتهجيرهم.. ببساطة لن تقبل مصر تصفية القضية بعد هذه الحرب البائسة، ولن تتخلى عن دورها، والتحرك المصرى يكشف إسرائيل ليس أمام الحاضر، بل المستقبل، وقد وضعنا النقاط فوق الحروف، وهو موقف يربط ما يجرى فى غزة بمصير القضية الفلسطينية، والإجراءات الإسرائيلية الانتقامية كشفتها مصر بوضوح، وستنزلق إسرائيل لتغرق فى أوهام نصرها المزعوم.
