هنية.. والشيخ محسن!

السبت 28 من محرم 1446 هــ
العدد 50279
فى ساعات متتالية، وفى نهاية الأسبوع الماضى، تحديدا، حدثت غارتان، الأولى كانت على الضاحية الجنوبية لبيروت، عاصمة لبنان، وبعدها بساعات وصلت إلى قلب طهران غارة مؤثرة، وفادحة، الأولى أصابت فؤاد شكر، المعروف بالحاج محسن، القائد العسكرى الأول لحزب الله اللبنانى، أما الحادث الثانى، والذى له تأثير سياسى مدوٍ فى المنطقة ككل، فهو رحيل إسماعيل هنية، إثر مقذوف، وهو ليس رئيس الجناح السياسى لحماس فقط، بل الرجل الأول فى هذه الحركة، وهو المفاوض باسمها مع الأمريكيين، والعرب مع الإسرائيليين، وذلك فى أثناء حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد، مسعود بزكشيان، وبالقطع، بل الجزم، الغارتان وراؤهما الاحتلال الإسرائيلى الذى هو فى حالة حرب فعلية فى غزة مع الفلسطينيين، ومع حزب الله فى لبنان، باعتباره جبهة مساندة، ومساعدة للغزاويين، وإشغال للاحتلال، وهذا ما تعلنه إسرائيل، وحزب الله.
إن حادث طهران، لظروفه وملابساته، لم تعلن إسرائيل مسئوليتها عنه، فهو اعتداء على سيادة دولة، وجريمة تعاقب عليها كل القوانين، حتى لو كانت الدولة المعتدية فى حالة حرب، ولكنه بالقطع لا يحتاج لتحقيق، أو حتى تفكير، فإسرائيل وراءه، ولتزامن الحادثين فإن إسرائيل، المنهمكة فى حرب غزة لم تكن قادرة على فتح جبهة ثانية فى لبنان، أو طهران، من دون غطاء أمريكى، خاصة فى ظروف عدم رغبة الأطراف الدولية الأخرى فى الذهاب إلى حرب واسعة فى المنطقة، وبالتالى فإنه يحظر على إسرائيل فى اختيارها لأهدافها تنفيذ ضربات قوية مثل التى حدثت فى طهران، وبيروت، بحيث لا تسمح باندلاع حرب كبيرة، أو إقليمية، ولكن يبدو أن الضربتين رغم قسوتهما، وهما موجعتان جدا، فإنهما مازالتا محدودتين، ولا تؤديان إلى اندلاع حرب كاملة، خاصة إذا كانت ردود الفعل من الجانب المعتدى عليه اتسمت بالحكمة، وعمق النظر، وبتحليل الغرض منهما لم ينزلقوا فى طهران أو بيروت إلى ما يخطط له نيتانياهو فى الحرب الراهنة كلها، والتى أصبحت تعرف عالميا بحرب نيتانياهو، وليس حرب إسرائيل، ولعل دخول إيران فى المواجهة الآن، ووجود رئيس معتدل بها يكون بداية لوضع نهاية لأطول حروب الشرق الأوسط، بل ضوء فى نهاية نفقها.
