الشاهد

في وداع عام دامٍِ واستقبال عام يصعب فيه التفاؤل «2-2»

أما حصاد العام المنقضي في مصر فهو استمرار الحرب القاسية على الإرهاب وانخراط الجيش فيها سواء على الحدود في سيناء، أو على الحدود الغربية المتاخمة لليبيا التي سقطت هي الأخرى في لجة الانهيار، وتتصارع داخلها 3 حكومات والفوضى والإرهاب القاتل في كل المجالات، والصورة أن العام الجديد لن يحمل لها مؤشرات مختلفة.
أما مصر فبجانب الإرهاب تطل أزمة اقتصادية واجتماعية بعد انهيار سعر الجنيه، بالاضافة إلى أزمة ومخاوف مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية تلازمها أزمة سابقة عليها مع قطر التي تقف مع الاخوان في صراعهم مع الدولة منذ تغيير عام 2013 وسقوط حكم الاخوان.
أما دول الخليج العربي فتظل الأقل تضررا بشكل مباشر من الانخراط في المشاكل التي نجمت عن الحرب الشاملة في المنطقة، بالرغم من الحرب في اليمن التي تلقي بظلال مخيفة على كل المنطقة، ولا يمكن فصل اليمن عن الخليج برغم عدم انضمامه لمجلس التعاون الخليجي، الذي ظل مؤسسة اقليمية مهمة لشعوبها برغم الضعف البادي على كل المؤسسات المناظرة له مثل الجامعة العربية، التي انضمت إلى الدول الفاشلة الكثيرة في المنطقة، والمتضررة من الكوارث والحروب والفوضى الناجمة عن أحداث ما عرف باسم الربيع العربي، التي وصلت إلى ذروتها مع نهاية هذا العام في سوريا والعراق واليمن وليبيا وحتى مصر ولبنان والبحرين وتونس، ومن قبلها الصومال الذي كدنا ننساه من كثرة المشاكل وتداعياتها.
أما أزمة فلسطين الوطن والشعب بالرغم من طغيان الأزمات والحروب واللاجئين الجدد في حلب والموصل وكل سوريا وليبيا الذين يهددون أوروبا ويغرقون يوميا في المتوسط، فقد كان للقضية الفلسطينية ومضة في الأمم المتحدة قبل نهاية العام في قرار مجلس الأمن برفض الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والأراضي المحتلة والقدس، وهو القرار الذي نجا من الفيتو الأميركي لتستفيد القضية العتيدة بأول قرار دولي يجرم ويرفض الاستيطان وسرقة أراضي الفلسطينيين بواسطة جحافل المستوطنين الذين يهددون حل الدولتين والسلام الاقليمي.
القرار الذي خرج من فم الرئيس الأميركي الجديد ترامب، والذي مرره أوباما في محاولة للتخفيف من جرائمه في حق المنطقة التي أشعلها نارا قبل رحيله في أسوأ سنوات وأضعف حالات الادارة الأميركية، التي يحسب عليها اشعال فتنة وحروب الطوائف في السنوات الأخيرة وأنهت 8 سنوات حكم وقد أطلقت يد إيران في العراق، وتركتها تسيطر على لبنان وتحارب في سوريا وتدعم الحوثيين في اليمن وتخلت عن حلفائها التقليديين مقابل اتفاق هزيل مع طهران ينهي عزلتها ولا يضمن تخليها عن التسلح النووي.
عام انقضى كله حروب لم تتوقف، ويبدو أنه يزرع لحروب قادمة لم تنته فيه برغم دخول الموصل، فهناك أزمة ما يعرف بدولة الدواعش أو الدولة الإسلامية التي تحشد جيشا جديدا يفوق الخمسين ألف مقاتل في ادلب، ويتحصنون في الرقة وأرياف سوريا أصبح لا يمكن دخولها برغم انتشار قواعد أميركية في سوريا والعراق وقتال إيران وتركيا، فالمسرح الحربي خطير بدون حل للطائفة الكبرى السنة التي تشعر أن العالم يحاربها أميركا وروسيا والقوى الإيرانية تتسارع بالدعاوى الطائفية المخيفة.
لذا يجب اصلاح الحال في العراق ووقف الحرب في سوريا ومنع إيران وتركيا من التدخل في شؤون المنطقة اذا كنا نريد الانقاذ في العام المقبل.
واصلاح الحال بين مصر ودول الخليج خاصة السعودية وقطر، ولجم التيارات الدينية بكل أشكالها عن ممارسة السياسة واصلاح ديني يوقف حرب الإرهاب ومواصلة التطرف بكل الأشكال الثقافية قبل السياسية، والقبول بصيغة التعايش بين الأديان والطوائف واعلاء صيغة المواطنة والحقوق المتساوية للجميع ودولة القانون والمؤسسات.
والأهم أن يفكر الكبار والأغنياء في بناء نظام اقليمي جديد للمنطقة يشمل الخليج والمشرق العربي، ولا يغيب المغرب العربي الذي يعيش هو الآخر على بركان، ولا أنسى أن أذكر أن حروب الجماعات المتطرفة وتطلعها إلى السياسة بدأ في الجزائر، كما أن ثورات الربيع والفوضى انطلقت شرارتها من تونس وجرت إلى مصر ثم ليبيا ثم سوريا ثم البحرين واليمن.
أخيرا، دعوتنا أن يستيقظ الجميع إلى العوامل المشتركة بينهم ويلجأوا إلى الاتفاق وسرعة اللقاء لتلافي النيران والفوضى والإرهاب الذي يكتنف العالمين العربي والإسلامي، وعام سعيد للجميع ولنتفاءل بالخير لعلنا نجده.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى