انكشف العدوان وسقط المتآمرون والمحرضون

لقد دخلت إسرائيل الحرب بلا أهداف معلنة, ولا تعرف كيف تخرج منها, ولم يعد أمامها إلا أن ترتكب جرائمها التي اشتهرت بها عبر تاريخها ضد الإنسانية, حيث تقتل الأطفال والنساء, وتصيب الأبرياء, وتهدم البيوت والمساجد, وتوقف الحياة في القطاع.
إنها اللعبة الإسرائيلية الجديدة القديمة التي اعتدناها, فإسرائيل لا تستطيع أن تعيش إلا إذا سبحت في الدماء, كما أن سياسييها لا يستطيعون إجراء انتخابات وصنع زعمائهم وتدشين رئيس وزرائهم المقبل إلا عبر العمليات العسكرية وقتل الفلسطينيين والعرب, ولذلك أطلقوا عملية غزة التي تدخل أسبوعها الثاني, حيث تضرب دولة الاحتلال المدنيين الأبرياء بالطائرات. وهي معادلة ظالمة وعار علي جبين الإنسانية, فالحقيقة أن آلاف الغارات لا تقتل وتصيب الآلاف فقط بل تقتل أيضا الحياة لدي الملايين..! والسبب المعلن هو صواريخ عبثية, خلفت4 قتلي و12 جريحا إسرائيليا!
وأمريكا عاجزة في لحظة انتقال السلطة بين جورج بوش وباراك أوباما, فهي فترة نادرة تعطي إسرائيل الفرصة لتكريس العدوان, ولكنني أراها امتحانا للرئيس المقبل الذي فضل السقوط فيه بالصمت المريب, فنحن أمام عدوان إسرائيلي صريح علي مدنيين, تدينه كل المواثيق والاتفاقيات الدولية, وكان علي الرئيس المقبل أن يستخدم نفوذه المعنوي, فيطالب بوقف العدوان, وأن يعود الطرفان إلي التهدئة. أما الرئيس الحالي جورج بوش فجاء رد فعله كما نتوقعه دائما ضعيفا متهالكا أمام إسرائيل, إذ لم يطالبها بوقف العدوان أو وقف غارات الطائرات علي المدنيين الأبرياء العزل.
إن جورج بوش يعطي إسرائيل حق الدخول في مرحلة ثانية من العدوان بالانتقال من الغارات الجوية إلي شن حرب برية علي السكان الأبرياء!
ولم يكن منتظرا من الرئيس الأمريكي, الذي وعد الفلسطينيين بدولة مستقلة وفشل في تحقيق وعده, أن يجيء رده علي العدوان الإسرائيلي الغاشم علي سكان غزة مخيبا للآمال وهو في أيام حكمه الأخيرة, ويعطي المعتدي المحتل حق خرق كل القوانين الدولية والمواثيق. وهذا الضعف المزري لموقف القوة الكبري عبر الرئيسين الأمريكيين المنصرف والمقبل لا يعطي المراقبين والمتابعين للشأن الفلسطيني مع بداية عام2009 أي بارقة أمل بدور أمريكي منصف في الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
لقد كشف العدوان علي غزة الجميع, عري حماس والمتطرفين في إسرائيل, وكشف عدوانيتهم.. ولكننا يجب أن ندين سلطة حماس في غزة, فهي أخلت بمسئولياتها تجاه من تحكمهم, بل وحولتهم إلي أسري لديها, وأخفت المقاتلين وتركت الأبرياء للطائرات والعدوان, وظهر أن الحكم أهم لديها من مصالح الغزاويين أو القضية الفلسطينية نفسها, وفشلت محاولات أنصارهم والمتآمرين المحرضين الذين حاولوا جعل معبر رفح بين مصر وغزة هو القضية
فقد ظهر استقامة الدور المصري الذي طالب منذ الدقيقة الأولي بوقف العدوان علي لسان رئيسها مبارك, وعودة الجميع إلي الرشد. وفتحت مصر معبر رفح عمليا أمام كل الحالات الإنسانية ولعبور المساعدات, بل وتحملت سقوط شهيد وعشرات المصابين علي المعبر, وكان هذا الشهيد يؤدي واجبه التاريخي لمساعدة الفلسطينيين وإغاثتهم, وهم يواجهون العدوان, لينضم إلي قافلة طويلة من شهدائنا الذين راحوا ضحية قضية العرب ودفاعا عن فلسطين.
وسيشهد التاريخ للمصريين ـ رئيسا وحكومة وشعبا ـ أنهم حريصون علي الدم الفلسطيني, وعلي كل فلسطيني سواء من فتح أو من حماس أو غيرهما, ولم يسمحوا بالمزايدة بمعبر رفح ـ الذي فتحوه عمليا لإغاثة الفلسطينيين, ولم يغامروا بخرق الاتفاقيات الدولية فيعطوا المبررات لدولة الاحتلال لإغلاق المعبر, فالمصريون يعملون علي وقف العدوان وفتح كل المعابر, وفك وإنهاء حصار غزة, أما معبر رفح فتضعه مصر تحت أيديهم حيث يستخدمونه لإغاثة الملهوفين والضحايا وعبور المرضي والمصابين..
وقد تحملت مزايدات الجهلة والمتآمرين حتي لا يتعرض المعبر للخطر أو العدوان أو تعطي ذرائع للمعتدين. إن استقامة وفعالية الدور المصري منذ لحظة بدء العدوان الإسرائيلي علي غزة في نهاية عام2008 وحتي الآن تضاف إلي سجلها الناصع المشرف عبر التاريخ دفاعا عن القضية الفلسطينية وشعبها الشقيق الحبيب.
