مقالات الأهرام اليومى

انكشف العدوان وسقط المتآمرون والمحرضون

إيران وحليفها حزب الله في لبنان وعملاؤهما العرب‏,‏ خاصة فلسطينيي سوريا‏,‏ والجماعات المحظورة أو المسماة الإسلامية في الخليج‏,‏ وخصوصا في قطر‏,‏ هؤلاء دفعوا بحماس في غزة إلي أتون الحرب علي وعد بمساعدتها‏,‏ لكنهم وقفوا يتفرجون‏,‏ ونظم بعضهم مظاهرات ومسيرات‏,‏ ليس ضد المعتدي إسرائيل ولكن ضد مصر‏,‏ و فتحوا شاشات الحروب التليفزيونية الجوفاء التي يقصدون منها إضعاف العرب‏,‏ وتحقيق أهداف إسرائيلية خبيثة بعيدة المدي والتأثير‏.‏

لقد دخلت إسرائيل الحرب بلا أهداف معلنة‏,‏ ولا تعرف كيف تخرج منها‏,‏ ولم يعد أمامها إلا أن ترتكب جرائمها التي اشتهرت بها عبر تاريخها ضد الإنسانية‏,‏ حيث تقتل الأطفال والنساء‏,‏ وتصيب الأبرياء‏,‏ وتهدم البيوت والمساجد‏,‏ وتوقف الحياة في القطاع‏.‏

إنها اللعبة الإسرائيلية الجديدة القديمة التي اعتدناها‏,‏ فإسرائيل لا تستطيع أن تعيش إلا إذا سبحت في الدماء‏,‏ كما أن سياسييها لا يستطيعون إجراء انتخابات وصنع زعمائهم وتدشين رئيس وزرائهم المقبل إلا عبر العمليات العسكرية وقتل الفلسطينيين والعرب‏,‏ ولذلك أطلقوا عملية غزة التي تدخل أسبوعها الثاني‏,‏ حيث تضرب دولة الاحتلال المدنيين الأبرياء بالطائرات‏.‏ وهي معادلة ظالمة وعار علي جبين الإنسانية‏,‏ فالحقيقة أن آلاف الغارات لا تقتل وتصيب الآلاف فقط بل تقتل أيضا الحياة لدي الملايين‏..!‏ والسبب المعلن هو صواريخ عبثية‏,‏ خلفت‏4‏ قتلي و‏12‏ جريحا إسرائيليا‏!‏

وأمريكا عاجزة في لحظة انتقال السلطة بين جورج بوش وباراك أوباما‏,‏ فهي فترة نادرة تعطي إسرائيل الفرصة لتكريس العدوان‏,‏ ولكنني أراها امتحانا للرئيس المقبل الذي فضل السقوط فيه بالصمت المريب‏,‏ فنحن أمام عدوان إسرائيلي صريح علي مدنيين‏,‏ تدينه كل المواثيق والاتفاقيات الدولية‏,‏ وكان علي الرئيس المقبل أن يستخدم نفوذه المعنوي‏,‏ فيطالب بوقف العدوان‏,‏ وأن يعود الطرفان إلي التهدئة‏.‏ أما الرئيس الحالي جورج بوش فجاء رد فعله كما نتوقعه دائما ضعيفا متهالكا أمام إسرائيل‏,‏ إذ لم يطالبها بوقف العدوان أو وقف غارات الطائرات علي المدنيين الأبرياء العزل‏.‏

إن جورج بوش يعطي إسرائيل حق الدخول في مرحلة ثانية من العدوان بالانتقال من الغارات الجوية إلي شن حرب برية علي السكان الأبرياء‏!‏

ولم يكن منتظرا من الرئيس الأمريكي‏,‏ الذي وعد الفلسطينيين بدولة مستقلة وفشل في تحقيق وعده‏,‏ أن يجيء رده علي العدوان الإسرائيلي الغاشم علي سكان غزة مخيبا للآمال وهو في أيام حكمه الأخيرة‏,‏ ويعطي المعتدي المحتل حق خرق كل القوانين الدولية والمواثيق‏.‏ وهذا الضعف المزري لموقف القوة الكبري عبر الرئيسين الأمريكيين المنصرف والمقبل لا يعطي المراقبين والمتابعين للشأن الفلسطيني مع بداية عام‏2009‏ أي بارقة أمل بدور أمريكي منصف في الصراع العربي ـ الإسرائيلي‏.‏

لقد كشف العدوان علي غزة الجميع‏,‏ عري حماس والمتطرفين في إسرائيل‏,‏ وكشف عدوانيتهم‏..‏ ولكننا يجب أن ندين سلطة حماس في غزة‏,‏ فهي أخلت بمسئولياتها تجاه من تحكمهم‏,‏ بل وحولتهم إلي أسري لديها‏,‏ وأخفت المقاتلين وتركت الأبرياء للطائرات والعدوان‏,‏ وظهر أن الحكم أهم لديها من مصالح الغزاويين أو القضية الفلسطينية نفسها‏,‏ وفشلت محاولات أنصارهم والمتآمرين المحرضين الذين حاولوا جعل معبر رفح بين مصر وغزة هو القضية‏

‏ فقد ظهر استقامة الدور المصري الذي طالب منذ الدقيقة الأولي بوقف العدوان علي لسان رئيسها مبارك‏,‏ وعودة الجميع إلي الرشد‏.‏ وفتحت مصر معبر رفح عمليا أمام كل الحالات الإنسانية ولعبور المساعدات‏,‏ بل وتحملت سقوط شهيد وعشرات المصابين علي المعبر‏,‏ وكان هذا الشهيد يؤدي واجبه التاريخي لمساعدة الفلسطينيين وإغاثتهم‏,‏ وهم يواجهون العدوان‏,‏ لينضم إلي قافلة طويلة من شهدائنا الذين راحوا ضحية قضية العرب ودفاعا عن فلسطين‏.‏

وسيشهد التاريخ للمصريين ـ رئيسا وحكومة وشعبا ـ أنهم حريصون علي الدم الفلسطيني‏,‏ وعلي كل فلسطيني سواء من فتح أو من حماس أو غيرهما‏,‏ ولم يسمحوا بالمزايدة بمعبر رفح ـ الذي فتحوه عمليا لإغاثة الفلسطينيين‏,‏ ولم يغامروا بخرق الاتفاقيات الدولية فيعطوا المبررات لدولة الاحتلال لإغلاق المعبر‏,‏ فالمصريون يعملون علي وقف العدوان وفتح كل المعابر‏,‏ وفك وإنهاء حصار غزة‏,‏ أما معبر رفح فتضعه مصر تحت أيديهم حيث يستخدمونه لإغاثة الملهوفين والضحايا وعبور المرضي والمصابين‏..‏

وقد تحملت مزايدات الجهلة والمتآمرين حتي لا يتعرض المعبر للخطر أو العدوان أو تعطي ذرائع للمعتدين‏.‏ إن استقامة وفعالية الدور المصري منذ لحظة بدء العدوان الإسرائيلي علي غزة في نهاية عام‏2008‏ وحتي الآن تضاف إلي سجلها الناصع المشرف عبر التاريخ دفاعا عن القضية الفلسطينية وشعبها الشقيق الحبيب‏.‏

فهل يتعظ المتآمرون والمعتدون ويعودون جميعا إلي جادة الحق والصواب؟
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى