مقالات الأهرام اليومى

أكتوبر. قوة باقية في ضمير المصريين

عادت نسائم أكتوبر الندية. عاد عصر المنتصرين. ونحن في عهدة عقلية المنتصرين وقائدها مبارك منتصرا في الحرب. بطلا في السلام والتنمية.
ورجال صنعوا ملحمة النصر من قلب الهزيمة.
نقلوا مصر في 6 سنوات فقط من خانة الدول المحتلة إلي مكانة الدول المنتصرة.
جيل أكتوبر البطل الخالد يستحق منا أن نذكره ليس كل عام مرة في ذكري الانتصار الخالد فقط. بل كل لحظة في حياتنا. فهم روح النصر العسكري الذي نبحث عنه في حياتنا اليومية.
وهم رجال العسكرية المصرية انتصروا لمصر في وقت قياسي.
وجاء نصرنا في قت وعصركنا نظنه لن يأتي. وأن أجيالنا الحالية لن تراه.
ولأن من عاشوا الهزيمة أو صنعوها أو وقعوا فيها ظنوا أن فجر النصر لن يأتي بهم. فقد أشاعوا روح اليأس والخوف!. ولكن تحمل أبطال النصر. واقع الهزيمة الصعب والمؤلم. فغيروه بروعة الأداء ودقة العمل. ودمائهم قبل عرقهم. كما تحملوا عبء المنهزمين وتجاوزوه علي أرض الواقع. فكل التقدير لأنهم لم يستمعوا لهؤلاء فيعيدوا إنتاج الهزيمة المريرة.
إن من حق الأجيال المصرية المتتابعة أن تفخر بجيل أكتوبر. صناع النصر من قلب الهزيمة.
فقد انتصروا مرتين. الأولي علي الهزيمة واليأس والشائعات والمخاوف وأصحابها. والثانية علي العدو واستردوا الأرض حتي آخر شبر. حربا وعقلا عبر المفاوضات والتحكيم الدولي.
جيل أكتوبر. جيل النصر. صنع السلام والاستقرار لبلده في زمن اضطربت فيه المنطقة العربية والعالم, وشاعت الفتنة والإرهاب واتسعت الحروب والفوضي. ليعطي الأجيال المصرية وشبابها حق الحياة.
فنعمت مصر بأطول فترة في تاريخها.. فأراضيها محررة, وحدودها ترتفع عليها أعلامها, واستقرارها يتيح للوطن وأبنائه جميعا فرص التقدم والازدهار.
جيل أكتوبر صانع النصر. لم يستجب لدعاوي المضللين وأعداء الاستقرار. أعداء حق الحياة للوطن والشعب معا. فأسقط دعاواهم ومخاوفهم. وسار في الطريق الصعب. ووسط حملات التضليل والفتن والكراهية والمخاوف. بالتطرف الديني حينا وبالغيرة الوطنية الحمقاء أحيانا أخري!!.
جيل أكتوبر صنع لمصر وللعرب مسارا وطريقا ليس لاسترداد أراضينا فقط والذي تحقق علي أيديهم. ولكن لاستراد الأراضي العربية كلها. ويوالي مساره بالعناية والعمل بكل كفاءة واقتدار. بالسياسة وباستخدام جميع الضغوط والأساليب الممكنة التي تكفل له النجاح وتحقق الهدف.
ووسط تلك الصعوبات من كل الاتجاهات لم ييأس من الخلافات العربية والفلسطينية. بل واصل لم الشمل والمصالحة والتعاون مع الجميع من أجل مصالحنا.
جيل أكتوبر لم يقبل دعاوي وأفكار المتطرفين سواء كانوا محليين أو إقليميين أو عالميين بأشكالهم المختلفة, وآخرهم اليمين المحافظ والمتطرف في أمريكا وإسرائيل. ووضع الجميع أمام مسئولياتهم وعري أصحاب الألاعيب وكشفهم. لأنه يعرف أنه يملك الطريق والمسار الصحيح الذي يهزم التطرف والإرهاب بكل أشكاله, ويحقق العدالة والحق للعرب وللفلسطينيين. ويحجم أعداءهم. بل يهزمهم ويفرض عليهم التسليم بالحقوق المشروعة.
تحية لرجال أكتوبر وشهدائنا في الذكري السادسة والثلاثين لبدء ملحمة أكتوبر المجيدة, وهي قوة باقية في ضمير المصريين, كما أنها مناسبة نستعيد فيها أحداثا لم نشهدها في تاريخنا. جاء نصر أكتوبر ليستعيد سيناء من مغتصبيها, ولينهي ادعاءات كادت تتحول بالتقادم إلي أسطورة تثني عزم الأمة عن المطالبة بالحقوق, التي اغتصبت في الخامس من يونيو1967.
ومنذ أن عبرت الطائرات المقاتلة المصرية ومن خلفها الرجال الرابضون علي شطآن القناة إلي سيناء في هذا اليوم الخالد. وحتي اليوم لاتزال حرب أكتوبر حاضرة مؤثرة في مجريات الأحداث بيننا ومن حولنا.
وضعت تلك الحرب نهاية لأحلام جوعي الحرب ومحترفي التدمير ومن غرتهم حرب يونيو فظنوا أن كل حرب مع مصر نزهة قصيرة فتداعوا إلي الحرب في كل أزمة. هؤلاء تراجعت أصواتهم بعد حرب أكتوبر وأصبح خيار الحرب لديهم بالغ التكلفة.
مهدت معارك أكتوبر الطريق لسلسلة طويلة من المعارك مازالت مستمرة حتي اليوم في منظومة الوسائل والأدوات المحققة للاستراتيجية المصرية الرامية لتحقيق السلام الشامل في المنطقة بأسرها, والوصول إلي حل نهائي للصراع العربي ـ الإسرائيلي.
دفعت حرب أكتوبر وعي العسكريين والساسة في المنطقة والعالم خطوات إلي الأمام بأن الحرب لن تحسم نزاعا, ولن تنهي صراعا. فمصر, التي خاضت غمار تلك الحرب, وحققت فيها النصر, هي التي تقدمت الصفوف في معركة السلام الطويلة والمريرة أيضا.
وبعد أن تحقق الانتصار العظيم في حرب أكتوبر الخالدة حققت مصر في معارك السلام انتصارات كثيرة برغم الصعوبات الكثيرة التي تعترض مسيرته.
وتسلحت مصر في معارك السلام بمثل ما تسلحت به في ساحات الحرب. تسلحت بالإرادة الصلبة ووضوح الهدف. استعادت أرضها كاملة, ومهدت الطريق لاستعادة الحقوق الأخري. أبعدت شبح الحرب عن سماوات المنطقة, وحركت قوي السلام بين طرفي الصراع.
ومكنت للفلسطينيين العودة إلي أرضهم, وخوض معركة السلام من داخل الأرض التي حرموا منها.
وقد لايعرف الجيل الحالي من المصريين والعرب الكثير عن ويلات الحروب مثلما عرفتها الأجيال التي خاضتها. ولكن هذا الجيل يقترب شيئا فشيئا من مغزي السلام, الذي تتقدم مصر صفوف المحاربين من أجله.
وتأتي الذكري السادسة والثلاثون لحرب أكتوبر ولاتزال تلك الحرب المجيدة بتضحياتها وبطولاتها وإنجازاتها تحرك الأحداث في إدارة التفاوض مع إسرائيل من أجل كل الحقوق العربية.
كما أنها تلقي بظلالها الكثيفة علي كل جهود التنمية في بلادنا, وتحدد في خطوط واضحة مسيرتنا لأجيال قادمة تبث الأمل والقدرة علي تحدي كل الصعوبات.
لقد اختبر المصريون في أكتوبر إرادة التحدي لديهم وكشفوا عن مخزون هائل من المثابرة والصبر والعمل والإيمان نحتاجه في صراع التنمية في بلادنا. ولا يزال شهداء أكتوبر ومقاتلوها بيننا بتضحياتهم وإرادة البقاء والانتماء التي مكنتهم من تحقيق ما تحقق.
فتحية لشهدائنا وفي مقدمتهم صاحب قرار الحرب والسلام الرئيس الراحل أنور السادات. الذي دفع حياته ثمنا لهما في مثل هذا اليوم منذ 28عاما.
وعلينا أن ندرك أن ملحمة النصر في أكتوبر ليست ذكري تاريخية. ولن تكون. ولكنها تظل بكل المقاييس قوة دافعة متجددة للأمل والثقة فيما يمكن أن ينهض به المصريون لأجيال كثيرة قادمة. فقد استمرت معاركنا حربا وسلاما لتحقيق أهدافنا. ونحتاج روح أكتوبر في كل موقع نتجاوز بها مشكلاتنا والصعوبات التي تواجهنا.
تحية لرجال أكتوبر. وتقديرا واحتراما لكل ما قدموه. عطاء جيل عظيم من أجيال مصر. وتحية للرئيس مبارك الذي خاض بنا ساحات الحرب والسلام, ولم يحد بنا يوما عن أهداف أمته وضمير وطنه. استجاب للوطن في كل نداءاته. فجاء مع المصريين بالنصر في أكتوبر, وجاء بالمصريين أيضا يحقق إنجازات توالت. تشهد بأن المصريين في معارك الحرب هم المصريون في معارك السلام والتنمية. إن كل إنجاز ينهض اليوم علي أرض مصر يردد صدي ذلك الإنجاز العظيم للمصريين منذ ستة وثلاثين عاما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى