مقالات الأهرام اليومى

إرهاب يوم العيد

الوجه القبيح للإرهاب يطل من جديد‏,‏ محاولا أن يفرض علينا الخوف ويبدد حالة الأمن والأمان التي نعيشها‏,‏ لينتزع فرحة الأعياد من القلوب‏,‏ ففي وقت امتزجت فيه الأعياد الدينية بالوطنية‏,‏ حيث يحتفل المسلمون والمسيحيون معا بعيد القيامة المجيد ودخول الربيع وشم النسيم ويوم تحرير سيناء‏,‏ تأتي تفجيرات مدينة دهب لتقتل وتصيب المصريين ومحبي بلادهم من السائحين الوافدين من كل بقاع الدنيا‏.‏ لم تقتل هذه التفجيرات الأبرياء غدرا فقط‏,‏ بل حاولت أن تنال من اقتصادنا لتحرم قطاعا كبيرا ـ منا ـ من لقمة العيش‏,‏ وتزيد معاناتهم وآلامهم‏,‏ وفي العمق‏,‏ فهي تستهدف مناخ الحرية والإصلاح الذي نعيشه وحالة الحراك والتطور والنمو التي تسود في كل المجالات‏,‏ وضحايانا ومصابنا ليس فيمن قتل أو أصيب رغم الألم والمعاناة ومشاركتنا لأسرهم‏,‏ فالإصابة في كل بيت ولدي كل أسرة‏,‏ لأن الإرهاب الأسود ـ الذي لا يفرق بين المرأة والشيخ والطفل والمصري والأجنبي ـ يستهدفنا جميعا‏,‏ وخطورة جريمته في جماعيتها‏,‏ فالحادث مهما كانت خطورته وجرمه ليس إلا رمزا للقتل الجماعي ومحاولة الإبادة التي يسعي لنشرها وتعميقها في وجداننا‏,‏ فالخراب هو هدف الإرهابيين‏,‏ ولذلك لن نمكنهم‏,‏

ولن يتزعزع اليقين فينا بقدرتنا علي هزيمتهم واجتثاثهم من مجتمعنا‏..‏ ومحاصرة عقليتهم المريضة التي تجعل مكانهم الطبيعي إما السجون أو المصحات العقلية لإعادة تأهيلهم للحياة مرة أخري‏,‏ وحادث دهب مثل حادثي طابا وشرم الشيخ وحوادث القاهرة في الأزهر‏,‏ ووسط المدينة‏,‏ مسلسل إجرامي عاد ليطل بوجهه القبيح من جديد بعد أن توقف بشكل شبه نهائي عقب مذبحة الأقصر الشهيرة والتي وقعت في نوفمبر‏1997,‏ والتي كانت جرس إنذار للمصريين‏,‏ فتحركوا علي قلب رجل واحد وراء الأجهزة الأمنية‏,‏ متعاونين لكشف أوكار الإرهاب وفكره الخبيث‏,‏ الذي يحاول أن يتستر تحت عباءة الدين وهو منه براء‏.‏

وإذا كان الإرهاب يعود اليوم من جديد‏.‏ فسوف يلقي الهزيمة كما لقيها مرات ومرات من قبل‏,‏ فإرادة المواجهة وقوتها لن تنال منها تفجيرات هنا أو هناك‏.‏

ولتتحقق هذه الأمنية الغالية لوطننا‏,‏ ووسط محيط إقليمي وعالمي يموج بسلسلة من الأزمات لاتتوقف‏,‏ وعالم يحكمه المتطرفون الذين يغذون الصراعات والحروب بين الشرق والغرب والأديان ويفتحون علينا جبهات القتال والعنف بلا توقف‏.‏ علينا أن نحافظ علي مصر واحة للأمن والأمان‏,‏ وبلدا للنمو والتطور بلا هزات أو عنف‏.‏ وأن نتوقف جميعا عن تصور أننا وصلنا إلي بر الأمان‏,‏ وأننا بمنأي عن المخاطر الداخلية والخارجية‏.‏ فالمتطرفون بيننا والإرهاب يسود العالم‏,‏ ولا يمكن لأي جهاز أمن مهما تبلغ كفاءته وقدرته أن يمنع مجرما قرر أن يقتل نفسه مع الآخرين‏,‏ فتلك الجريمة البشعة ترتدي كل ثوب‏,‏ ولكن حقيقتهم انكشفت ولا يمكن إخفاؤها‏,‏ والمواجهة لن تكون إلا بتضافر كل الجهود لكشف تلك العقول المجرمة والمريضة‏,‏ قبل أن تتحول إلي منظمات وخلايا عشوائية وعنقودية تقتل وتخرب حياتنا وتدفعنا جميعا للانتحار معها‏.‏ فالتعاون والتضافر والعمل معا يدا بيد يحاصر تلك المخاطر‏.‏

كما يجب أن يتوقف كل الذين يهيئون للإرهاب مناخا بالصراخ والعشوائية في التفكير والعمل السياسي الذي لا يستند إلي الحقائق والفهم‏,‏ ويستخدمون مناخ الحرية والنمو والتطور لتدميرها‏.‏ إن الوقفة الموضوعية والعقلانية تستدعي الانتباه لمخاطر اللحظة الراهنة وتداعياتها المستقبلية‏.‏

فمن يمهدون الأرض للإرهاب والعنف والتطرف متهمون ولا يمكن إعفاؤهم من المسئولية عن جرائم العنف والإرهاب‏,‏ والمتفرجون مسئولون كذلك‏.‏ وسوف تطالهم أيدي المجرمين وسيدفعون ثمنا غاليا‏..‏

ليس أمامنا إلا التعاون والمشاركة الجماعية لنتخلص من الإرهاب والقوي الداعمة له وما أكثرها‏.‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى