القمة المصرية – السعودية.. وأوهام إسرائيل المستحيلة!

السبت 29 من صفر 1447 هــ
العدد 50664
فى اللحظة التى تصورت فيها إسرائيل أنها قادرة على تغيير المنطقة كلها، والتلويح بتحويل غزة إلى بؤرة لصراع إقليمى مفتوح، جاءت قمة مصر والسعودية لتضع النقاط فوق الحروف، وتعلو بالموقف العربى واضحا وجليا (دولة فلسطينية.. ولا تهجير للفلسطينيين من أراضيهم)، خاصة أن من يدعون إلى احتلال غزة فى إسرائيل لا يدركون أبعاد ذلك على وضع دولة الاحتلال الداخلي، والإقليمي، والدولي، وهم مجموعة من المهووسين دينيا، لا يدركون العواقب، أو المعادلات، ويتجاهلون دروس الماضي، بل يخاطرون بالدخول إلى معترك بيئة متفجرة بطبيعتها، وزاد تفجرها، ومعاناتها ما حدث طوال العامين الماضيين.
أعتقد أن القمة المصرية – السعودية بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والأمير محمد بن سلمان، ولى العهد، وضعت النقاط فوق الحروف عربيا، وإقليميا، ودوليا، خاصة عقب ما ألمَّ بغزة والمنطقة بعد الحرب الطويلة، والمعاناة التى يعيشها الشعب الفلسطيني، وتضع الموقف العربى الثابت فى مكانه الطبيعى وسط المهاترات الإسرائيلية الأخيرة، على الأخص بعد ما أطلقه بنيامين نيتانياهو فى حديث متلفز عن أوهام «إسرائيل الكبري»، وهو لا يعى ما يقول، فهو يريد أن يعود بالمنطقة كلها إلى المربع الأول للصراع العربي- الإسرائيلي، فى محاولات ثعبانية لخلط الأوراق، وتحقيقا لادعاءات توراتية دينية فى دولة إسرائيل التى بالفعل أصبحت تحتل كامل الأراضى الفلسطينية، وأراضى من لبنان وسوريا، بالخروج على كل الاتفاقيات والقرارات الدولية، وأخيرا دخلت إلى الحزام الاستيطانى لتقسم الضفة الغربية بعنف إلى قسمين، لتمنع عمليا وجود أراضٍ تصلح لقيام دولة فلسطينية مرتقبة يريدها العالم كله، وذلك ردا على المؤتمر الدولى الذى قادته السعودية وفرنسا فى نيويورك لـ«حل الدولتين»، واستباقا للنيات التى أعلنتها كل الدول الأوروبية (فرنسا وإنجلترا وأستراليا.. وغيرها) للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأخيرا، إعادة إسرائيل احتلال قطاع غزة، وتصفية الضفة الغربية بالبؤر الاستيطانية ليس موقفا إستراتيجيا لإسرائيل تستطيع تحقيقه، بل هو من قبيل الأوهام، وتجاوز للحقائق، كما أنه موقف هروبى هش أمام التطورات الدولية التى تدفع بإسرائيل إلى الهامش، الأمر الذى ليس فى مصلتحها، ولا تتحمله.
