2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

هند.. صوت أسمع العالم!

الثلاثاء 17 من ربيع الأول 1447 هــ
العدد 50681
«صوت هند رجب»، فيلم استقبله الجمهور العالمى بمزيج من التأثر، والغضب، والصدمة، واستمر بالتصفيق له فى مهرجان «فينيسيا» السينمائى 24 دقيقة بعد عرضه، وهو أطول تصفيق مُسجل لفيلم فى تاريخ المهرجان، وبعد فوزه بجائزة «الأسد الفضى» يحكى للعالم حاليا، ومستقبليا قصة الطفلة الغزية (هند ـ 6 سنوات) التى استغاثت بالعالم، وقتلها الاحتلال الإسرائيلى بوحشيته المعهودة. بعد عرض الفيلم، لم تعد هند مجرد طفلة فلسطينية شهيرة، بل باتت رمزا للأبرياء الذين يُقتلون بصمت، وأيقونة الطفولة التى تواجه أعتى آلات القتل بدمعة، وصوت مرتعش، وحضورها فى مهرجان عالمى كبير يجعل من فلسطين حاضرة فى الفن، والذاكرة، والوجدان، ويفضح الاحتلال الإسرائيلى أمام جمهور لا يمكنه الادعاء بأنه لم يسمع، ولم يشاهد، وهذا يدعونا لأن نشجع جميعا الفنانين فى العالم، بل يدعو أغنياءنا، ومؤسساتنا الفنية، والفنانين العالميين لكى يستوحوا من مأساة غزة، وتجويع أهلها، وإبادتهم، أفلاما، وقصصا تحكى بكل اللغات تلك الكارثة التى نعتبرها كارثة القرن، بل كل القرون، حيث لم يسبق أن واجه العالم هذا التوحش فى العصور الحديثة، حيث يوثق فيلم «صوت هند رجب» الحكاية بتسجيلات صوتية حقيقية قبل أن ينقطع الاتصال، ليُعثَر عليها بعد 12 يوما جثة هامدة إلى جانب أفراد أسرتها، وقد مزقتهم رصاصات الاحتلال الإسرائيلى (355 رصاصة، والجريمة وُثقت للتاريخ، والمحاكمات المستقبلية). وأخيرا، سيظل صوت هند مذعورا وهى تطلب الأمان ولم تجده (تعالى خذينى)- صرخة لطفلة لم تكتمل، وكانت إسرائيل تأمل دفن جريمتها إلى الأبد، ولذلك تستحق المخرجة التونسية المبدعة كوثر بن هنية كل الشكر، والتحية، والتقدير، لأن عملها سيظل خالدا للأبد.. يُذكِّر العالم كله بما عانته تلك الطفلة رمز البراءة المذبوحة فى غزة، ولذلك يجب علينا ألا ننسى أن هناك مئات، بل آلاف الأطفال الفلسطينيين الذين قُتلوا فى صمت مُطبق، ولم تُسجل لهم مكالمات استغاثة، ولم تَنقل شاشات العالم دموعهم الأخيرة إلا كأرقام فى تقارير متفرقة، لكنهم شركاء هند فى المعاناة، والشهادة، وجزء من الجريمة الكبرى، أو الحكاية التى لن تموت، وإلا مات العالم، وضميره إلى الأبد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى