معتقلات بالصحراء..!

الأثنين 5 من ذي القعدة 1445 هــ
العدد 50197
اهتز الضمير العالمى لما كشفت عنه محطة سى إن إن الأمريكية من أساليب الاحتلال الإسرائيلى فى معاملة المعتقلين من قطاع غزة، والتى أسقطت عنه كل مظاهر الآدمية، فى 3 سجون، وهى سدى تيمان فى صحراء النقب، وقاعدتا عناتوت وعوفر بالضفة الغربية، والتى تفوقت (بالطبع) على جوانتانامو الأمريكى، وهذه المعسكرات تعتبرها إسرائيل جزءا من البنية التحتية لقانون المقاتلين غير الشرعيين، وهو التشريع المعدل الذى أقره الكنيست فى ديسمبر الماضى، والذى وسع من سلطة جيش الاحتلال فى اعتقال المسلحين المشتبه بهم، وهذا قانون لا أعرف لماذا لم تتم مناقشته من منظمات الأمم المتحدة، وحقوق الإنسان لأنه يُسقط عن أى فرد يُحاكم فى ظله صفة الإنسانية، أو حتى الآدمية!
نحن أمام معسكرات اعتقال تتفوق على النازية، أو أى معتقلات أخرى عرفها الإنسان قديما أو حديثا، فهؤلاء المقاتلون غير الشرعيين- على حد زعمهم- بعد اعتقالهم يتم نقلهم إلى مصلحة السجون، ويخضعون للاحتجاز تحت التعذيب لمدة ٤٥ يوما من دون أى مذكرة توقيف، ولا يستطيعون تحديد أماكن اعتقالهم، ويظلون لأشهر معصوبى العينين، ومنعزلين عن العالم.
لقد ظهرت انتهاكات معتقل سدى تيمان للعلن بعد احتجاجات جماعات حقوقية إسرائيلية، وفلسطينية على الأوضاع هناك، حيث يُجرد المعتقلون من كل شىء، ويُضربون بكل الأساليب، ليس بهدف جمع المعلومات الاستخباراتية، وإنما بدافع الانتقام، أو ما يسمونه تأديبا جماعيا على ما فعله الفلسطينيون فى ٧ أكتوبر 2023، وعقابا على السلوك فى مخيمات الاعتقال، وهناك شهادة نادرة لمصور صحفى إسرائيلى التقط صورا للأطراف المبتورة من أجسامهم، وقد وصل الأمر إلى ممارسة كل الأساليب المحرمة دوليا من تجويع ممنهج، وحتى القتل الجماعى، ولعل كل شىء ظهر بعد انكشاف مقابر جماعية للمرضى فى المستشفيات، والمدنيين فى أرجاء كثيرة بغزة، وقد رُصد عند اكتشاف الجثامين أنها تعرضت لأنواع من التعذيب، والتنكيل، وبعد ذلك تم دفنها.
أعتقد أن مثل هذه الأحداث توثق الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة لحقوق الإنسان، والقوانين الدولية، حيث إن عمليات الإعدام الميدانى، ودفن الشهداء فى مقابر جماعية هى انعكاس لتاريخ طويل من القمع الإسرائيلى الممنهج (كما ذكرت تقارير دولية بحياد تام).
