المســــــئولية

أقف اليوم أمام المسئولية التي تحملت أمانتها بكثير من الاحترام والتواضع, فرئاسة تحرير صحيفة عريقة مثل الأهرام عمل يتسم بالرهبة, فهي ليست مجرد صحيفة مصرية, بل هي مؤسسة كبري احتلت مكانا ومكانة لدي الجميع, لم تصل إليهما أي مؤسسة أخري, ولعلنا نذكر في هذا الصدد ما تركته الأهرام من تأثيرات كبري, قديما وحديثا, عالميا وإقليميا ومحليا.
وبقدر ما يشعر المرء بشرف هذه المسئولية الكبيرة, فإنه يخشاها بالدرجة نفسها, لأنه يدرك الثمن القاسي الذي سيتحمله لا لكي يحافظ علي هذه المكانة المرموقة لــ الأهرام وحدها, إنما أيضا لكي يدفعها إلي خطوات أبعد وأكثر تطورا, في قلب عالم سريع الحركة, يموج بالمتغيرات, وفي مهنة لا تتوقف عن الإلهام والتحديث والتطوير من أجل التعبير عن روح العصر.
وإذا كان شرف رئاسة تحرير صحيفتنا الأهرام تعاقدا بيني وبين المالك مجلس الشوري يستوجب الحفاظ, مع زملائي من صحفيين وعاملين من مختلف الانتماءات, علي دورها, ومكانتها, وأصولها, وممتلكاتها, وتنميتها باستمرار, فإنه في الأساس والجوهر تعاقد متواصل مع قراء الأهرام, من المصريين الذين ارتبطت حياتهم بنا, والعرب الذين يعرفون دور مصر, ودرجة تأثيرها في محيطها القريب والبعيد.
ولأن ما نكتبه يؤثر في الوجدان العام, فإننا يجب أن نصونه ونحميه من خلال عمل جماعي شاق, نتحري فيه الدقة, بحيث يقوم علي التنظيم, واستيعاب أحدث ما وصل إليه العقل الإنساني في مختلف المجالات والأفكار, حتي تتحقق المصداقية, ونحصل علي ثقة المجتمع, مع معرفتنا أن العمل الإنساني, تحوطه أوجه نقص وقصور عديدة, ولا سبيل لاكتشافها إلا باستمرار رحلة البحث إلي ما لا نهاية.
وشعورا بهذه المسئولية, أقطع عهدا مع زملائي لقرائنا الكرام, بمواصلة مسيرة الأهرام, ولتسمحوا لي, ونحن نجدد قسم الولاء لقارئ الأهرام أن نجدد أيضا الولاء والحب لقائد المصريين, في هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ مصر المعاصر, الرئيس حسني مبارك, الرجل الذي واصل رحلة العطاء منذ أن صنع مع زملائه وتلاميذه بالقوات المسلحة المصرية, نصرا غاليا وعزيزا في حرب أكتوبر عام1973, محونا به عار هزيمة قاسية في يونيو عام1967, وفتحنا به الطريق أمام ظهور سياسة جديدة, وعقل مختلف, أعاد الأرض, وحافظ عليها.
لقد قام الرئيس مبارك بتطوير الحياة علي أرض مصر, وصاغ إصلاحات كبري, وبفضل فكره الثاقب, أصبحت مصر جمهورية جديدة, وتحولت الشرعية إلي الشارع السياسي, وقد بدأ مبارك هذه الإصلاحات في أرفع المناصب بتعديل المادة76 من الدستور, وهو التعديل الذي أتاح إجراء انتخابات تنافسية علي منصب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح للمرة الأولي في تاريخ مصر.
وفي هذه اللحظة المفعمة بالمتغيرات علي صعيد المجتمع والمؤسسات, سوف يعيش في ضميرنا, وسنتعايش أيضا مع ذلك الدور المتميز, والعمل الخلاق, اللذين قام بهما عميد الصحفيين ورئيس مؤسسة الأهرام الأستاذ إبراهيم نافع, الذي بني لنا صرحا عظيما, ووقف دائما بفكره المستنير وعمله الدءوب وراء النجاحات الكبري لـ الأهرام, وعبر كتاباته رصد وحلل بعمق كل ما يحدث في مصر, في أصعب مراحل البناء, طوال حقبتي الثمانينيات والتسعينيات وحتي الآن.
وكان, ومازال, أحد الداعين إلي التغيير علي أكثر من صعيد, وأسهم في تحويل الأهرام من مبني إلي مبان, ومن مطبعة إلي مطابع, ومن صحيفة إلي صحف ومجلات, ومن مدرسة إلي جامعة حقيقية, تنير العقول والقلوب, وتعد الأجيال, وتمهد لهم طريق المستقبل, فوصل إلي مكانة مستحقة, أهلته إلي أن يكون مرشدا دائما, يستشيره كل العاملين في مهنة الصحافة.
وفي البداية والنهاية, فإننا مؤمنون, كما قلنا لأنفسنا, أنا وزميلي صلاح الغمري رئيس مجلس الإدارة, بالأقدار والأدوار, وأننا سنبذل قصاري جهدنا, وسنتعاون مع زملائنا الصحفيين والعاملين, لما فيه مصلحة الجميع.. والحمد لله, وبه نستعين.
