2023حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

فرنسا وروسيا.. والدروس المستفادة!

الأربعاء 17 من ذي الحجة 1444 هــ
العدد 49884
ما يدور حولنا يدعو للتعلم والتبصر، فجريمة مقتل مراهق فرنسى، من أصول جزائرية، فجرت ينابيع الغضب لدى الفرنسيين وليس المهاجرين وحدهم، واشتعال الحرائق فى باريس ومدن فرنسا ظاهرة متكررة، وفى ضاحية نانتير ظهرت عمليات النهب، والسلب التى صاحبت هذه الحرائق، الأمر الذى ليس له ما يبرره إلا الأزمة العميقة التى تعيشها فرنسا، فقد ظلت فرنسا تنكر المرض، وتعيش على أنه غير موجود، أو مفتعل، إلا أن هناك أزمة تمييز عنصرى ضد الأجانب، خاصة العرب من شمال إفريقيا، والأفارقة، ولم يحل القانون، الذى يقر المساواة، هذه المشكلة، ولم يمنع المرض، أو التفشى، وكان الاعتراف منذ سنوات بهذه الأزمة العميقة مقدمة لعلاج صحيح قبل تفاقمها.

لقد كانت أزمات الضواحى، وفقر أبنائها، وتهميشهم واضحة جدا فى فرنسا، فالفرنسيون يعشقون باريس، ولم يتركوها ليعيشوا فى الضواحى، التى تركوها للقادمين الجدد، أو الفقراء، بعكس ما حدث فى لندن، العاصمة البريطانية، فقد تُركت لأهالى الكومنولث، والبريطانيين الجدد، وهاجر الإنجليز إلى الضواحى، وهنا ضمن الإنجليز حماية عاصمتهم بالقادمين الجدد، لأنهم يملكونها، أما باريس فقد أصبحت صيدا سهلا لأى نوع من الاضطرابات (السترات الصفراء، والتقاعد، والضرائب..وغيرها نمودج)، حتى الشانزليزيه، ومحاله تتحطم تحت وطأة الاضطرابات، وبالتالى يتأثر الاقتصاد، وتضعف فرنسا بالتدريج، وتنزلق من الدول المميزة إلى الدول العادية.

كما أن ما حدث فى روسيا، والحرب ضد أوكرانيا أضعف الاقتصاد بشدة، وبعد أن كانت روسيا فى طريقها لاستعادة وزنها الاقتصادى العالمى، بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، ها هى تقع فى كوارث الحرب، والتمرد، مما يعيق التخطيط لمستقبل البلد بما يليق به.

فلتتعلم الدول جميعها من المشكلات التى تحدث فى نظيراتها، ولا تكرر الأخطاء، وذلك من خلال إزالة العشوائيات، ونسف أحزمة الفقر، والتهميش، ومواجهة ضعف مؤسسات إنفاذ القانون، وتحديث طرق ووسائل العلاج، فالمؤسسات الحديثة تحمى مجتمعاتها من التدهور، والفوضى، وتحافظ على تماسكها، من خلال وضع خطة اقتصادية، وسياسية، وثقافية، فهل آن للفرنسيين أن يعودوا إلى أسباب المرض الحقيقية، ويعترفوا بها، فهى طريق العلاج الوحيد؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى