أين خالد القاضى؟

الخميس 25 من ذي الحجة 1444 هــ
العدد 49892
هناك ظاهرة إيجابية تجمع بين القاضى المتمرس، والنابه، والذى حول حبه لمهنته، والقضاء، والناس، والمجتمع معا إلى التواجد المجتمعى فى المكان المناسب، وأصبح هو فى حد ذاته مؤسسة متكاملة للثقافة القضائية.. لا يترك معضلة قانونية إلا ويفسرها، مع تسليط الضوء بأساليب مبتكرة، وعالية الاقتدار تصل إلى الإنسان العادى، ويكرم القضاة، ورجال التشريع، ويعطيهم حقهم بشرح قانونى، وتاريخى مفصل.. هو القاضى، والكاتب، والمتمرس خالد القاضى، اسما يحمل المعنى الذى عاش له.
كنت أمام قرارات جديدة أصدرتها هذا الأسبوع المحكمة الدستورية العليا.. تسهل على الناس أشياء مهمة فى حياتهم، أهمها تجريم الامتناع عن تسليم الورثة أنصبتهم الشرعية، بحكم الدستور، والأخرى عن تسوية معاش العاملين الذين انتهت خدمتهم بنظام المعاش المبكر، وفقا لقانون التأمين الاجتماعى المُلغى.. أسانيد قانونية كثيرة قرأت معظمها، وقلت أكيد المستشار خالد القاضى سيوفينى بالشرح المنتظر، والدقيق، فهو لا يترك ما يهم الناس، والقضاء إلا ويفعله، وكأنه نذر نفسه للناس، والمجتمع كمؤسسة مستقلة موجودة فى مصر.
منذ فترة لم أجد مقالاته فى الصحف، أو دراساته، قلت: لعل المانع خير؟.. ووقع فى يدى كتاب مميز، قدمه الدكتور جلال أبو زيد، أستاذ الأدب والنقد بكلية الألسن، جامعة عين شمس، حمل للقارئ شرحا لنحو 50 كتابا خلال 30عاما (1992-2022) قدمها، وكتبها بقلمه، وعلمه خالد القاضى، فوثقت فى المشروع التنويرى، والتوعوى الذى حمله للناس، والذى بدأ فى عام 1992 بتقديم طريق التفوق فى الثانوية العامة، والجامعة، ثم واصل المسار الذى سماه السيمفونية الخاصة، أو مشروعه الفردى، والذى تعانق مع المشروع القومى لبلده، والذى أرجعه إلى المسئولية الوطنية، والاجتماعية عما يحدث فى العالم جميعا، فطاف بنا فى رحلة عالمية عميقة، عبر هذه السنوات، فقدم العديد من المؤلفات عن الإدمان، والاغتصاب، وظاهرة التسول، والنظام القانونى للبنوك، ولم ينس أخطر تجربة تحكيمية وقضائية (طابا مصرية)، والموسوعات، والتحكيم التجارى، وفض المنازعات، وحقوق الطفل.. وغيرها.
رحلتك القانونية خالد القاضى رسمت خريطة طريق للمبدعين، ووطنك. وعطاؤك القانونى كان، ولايزال، نموذجا، ومؤسسيا، ونادرا.. وفقك الله.
