وُلِدَ الهُدى..!

الأربعاء 12 من ربيع الأول 1445 هــ
العدد 49968
..وذكرهم بأيام الله.. اليوم أشرق على الكون النور المحمدى الساطع.. اليوم أهدت السماء لأهل الأرض البركة، والمحبة.. بعد طول انتظار كان ميلاد محمد – صلى الله عليه وسلم – الذى شهد البركات، والمعجزات، فهو أعظم إطلَّاَلة للرحمة الإلهية على البشرية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
إنه عليه الصلاة والسلام رحمة غير محدودة الزمان أو المكان للعالمين.. هذا اليوم (يوم الميلاد العظيم) يوم وُلد، وهو يوم بُعث بعدها بأربعين عاما (١٢ ربيع الأول)، وعام الفيل وإنقاذ الكعبة فى السنة الثالثة والخمسين قبل الهجرة النبوية، وهو اليوم نفسه الذى عرج فيه إلى السماء.. هذا اليوم كُشفت فيه بئر زمزم، وشربت مكة بعد طول انتظار، وطُمرت وغابت حتى ميلاده الشريف، وهو اليوم نفسه الذى نجا فيه سيدنا إسماعيل من الذبح، وهو اليوم ذاته الذى ظهر فيه الطير الأبابيل الذى طرد المعتدين الذين جاءوا لهدم الكعبة (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم فى تضليل)، وهو اليوم عينه الذى رحل فيه جسده الطاهر وترك لنا القرآن الكريم، والأحاديث.. يوم أتمم علينا رسالة الله فى الأرض إلى يوم الدين.
فى مثل هذه الأيام من كل عام يجىء اليوم الذى ننتظره ونحتفل فيه بذكرى مولد النبى الذى علم الكل، وزرع الأمل، وقاد سفينة العالم الحائر إلى بر النجاة، لتعيش بيننا كلمات العقاد، إن التاريخ كله بعد محمد مرهون بعمله، وإن حادثا واحدا من أحداثه الباقية لم يكن ليقع فى الدنيا كما وقع لولا ظهور محمد، وظهور عمله، أو قول أحمد شوقى مخاطبا الرسول شعوبك فى شرق البلاد وغربها كأصحاب كهف فى عميق سبات.
إن ذكرى مولد الرسول هى ذكرى بعث الروح، وولادة الحرية، ونشور الخلق، ومولده هو البعث الأول الذى طهّر النفس، وعمّر الدنيا، وقرر الحق للإنسان، كما أنه البعث الأخير الذى سيخلص الروح، ويتبدى للآخرة، ويعلن المُلك لله.. صلى الله وسلم على سيدنا محمد، وكل عام أنتم طيبون، ومع أهل محمد ملتقين، ومتحابين، وعاملين بسنته، وبقرآن رب العالمين.
