رؤية مصر.. والاستشراف التحذيرى!

الثلاثاء 30 من ربيع الثاني 1445 هــ
العدد 50016
سيقف تاريخ منطقتنا طويلا أمام النهج، والمسار الذى اتبعته مصر باقتدار وحكمة فى إدارة أخطر حرب نشبت فى منطقتنا خلال القرن الحادى والعشرين على غزة، وهى من الحروب المتكررة، والمتتابعة، والمريرة طوال القرن الماضى، والمستمرة، وهى أخطر قضايا العرب، والعالم، والناجمة عن قيام إسرائيل منذ الأربعينيات (٧٥ عاما وحتى الآن) على أنقاض دولة فلسطين.
لقد بدأت فصول المسار منذ أن نشب هذا العدوان فى ٧ أكتوبر الماضى؛ عقب عملية لحركة حماس تأتى فى إطار مقاومة شعب يعانى ويلات الحصار، والاحتلال، وضياع الأمل، والحقوق، وجاء مؤتمر السلام الأول فى القاهرة الذى كشف أبعاد هذا المسار، ومراميه، وهدفه النبيل، والسامى، والواضح لإنقاذ الشعب الفلسطينى، والمنطقة، وتجلى فى أنه لن يُسمح بتهجير قسرى، وتشريد لأهالى غزة، لأن فى هذا ضياعا لحقوقهم، ومستقبلهم فى الدولة المرتقبة، ويحقق لإسرائيل هدفها(دولة بلا شعب)، ثم استكملت فصول التحرك المصرى فى قمة السلام بـ«خريطة طريق» لحل القضية قدمها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى القمة العربية والإسلامية بالرياض، وذلك بدءا من الوقف الفورى، والمستدام لإطلاق النار فى القطاع بلا قيد أو شرط، متزامنا مع وقف التهجير، واضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته لضمان أمن المدنيين الأبرياء، وتحمل دولة الاحتلال الإسرائيلى مسئولياتها الدولية، وصولا إلى صيغة الحل النهائى، وتسوية النزاع بـحل الدولتين, وانتهاء بتحقيق دولى فى كل ما اُرتكب من انتهاكات.
أعتقد أن رؤية مصر كانت استشرافا تحذيريا فيما يتعلق بكل جوانب القضية الفلسطينية، فهى الأكثر انخراطا، ومعرفة بأبعادها، وتراكماتها الراهنة، وبعيدة المدى، فقد سبق أن حذرت من الممارسات الاستفزازية التى تقوم بها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة من حيث توسيع الاستيطان، وتدنيس المقدسات، واقتحام المسجد الأقصى، وبوضوح كانت تدرك أن كل أعمالها ستفجر المنطقة، وتقود إلى العنف، وهو ما حدث فى طوفان الأقصى، ومن هنا يجب أن يستمع المجتمع الدولى جيدا للتحذير الذى أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسى من أن التخاذل عن وقف الحرب فى غزة ينذر بتوسع المواجهات، وأنه مهما تكن محاولات ضبط النفس فإن أول الاعتداءات كفيل بتغيير المعادلة، وحساباتها بين ليلة وضحاها.
