دماء غزة.. ورحلة بوريل !

الأحد 5 من جمادي الأولى 1445 هــ
العدد 50021
دماء غزة ليست هينة، ولن تهون، خاصة عندما تسيل دماء الأطفال الأبرياء، فهى تلغى العقول، وتضع العالم فى امتحان قاس. أعتقد أن سقوط رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو ويمينه المتطرف مستمر بلا توقف، حيث ضربات الاحتلال الهيستيرية والانتقامية على غزة، وحرمان الأطفال، والشباب، والنساء، والشيوخ، والمرضى، وذوى الاحتياجات الخاصة من المياه، والعلاج، والوقود، وكانت فضيحته مُدوية أمام العالم فى مستشفى الشفاء، وغير ممكنة الإخفاء، لقد استسلمت أمريكا بصعوبة أمام إقرار مجلس الأمن الأخير فرض هدنة إنسانية مؤقتة على غزة، رغم أنه حل خجول أمام الكارثة وتحولاتها المخيفة، فالهدنة رغم أهميتها تكشف الضعف الأمريكى أمام إسرائيل الذى وصل إلى حد المشاركة معها فى العدوان، وإسرائيل لا يهمها الدماء التى تسيل، أو الأطفال، أو الإنسانية كلها، وإنما فقط أمريكا التى تمدها بكل شىء من أسلحة حديثة، وأموال ساخنة لتواصل العدوان بحجة الدفاع عن النفس، والذى أصبح الآن حرب كراهية عميقة بين الشرق والغرب، وعدوانا ليس على غزة ولكن على كل شعوب المنطقة التى تماسكت إلى حد كبير فى القمم المتتابعة بالقاهرة والرياض لكى تحصر العدوان، وتمنع امتداده، وانزلاق الشرق الأوسط إلى حرب واسعة تهدد الاستقرار العالمى، فقد أصبحت المنطقة تشعر تجاه بايدن فى أمريكا الشعور نفسه تجاه نيتانياهو فى إسرائيل، حيث لم تستطع إدارة بايدن أن تلتقط حتى الآن الموقف العربى فى القاهرة والرياض، الذى وفر فرصة للجميع للخروج من المأزق الحاد عبر الحل السياسى، بما فيه حل الدولتين، والذى ربما يكون التقطه جوزيب بوريل، مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى، وقد يكون نقطة تحول للفهم، وذلك عندما تكلم بلغة نفهمها ويفهمها العالم الذى عنده بقية من الإنسانية تجاه احترام الفلسطينيين الضحايا، ودولتهم المرتقبة، حيث لم يقلل الرجل من الجريمة والإبادة التى تمارسها إسرائيل على الفلسطينيين، وبدا واضحا أن العدوانية الإسرائيلية عرّت أمريكا وأوروبا فى موقعة غزة أمام العالم، وأن دماء غزة لن تذهب سُدى، وهنا أدركت قيمة السياسة فى عالمنا المعاصر أنها أقوى من الأسلحة، والطائرات، والحروب.
