منطقتنا.. وحسابات الحروب!

الثلاثاء 21 من جمادي الأولى 1445 هــ
العدد 50037
الصدام الراهن فى منطقة الشرق الأوسط تقوده قوتان فى أقصى اليمين على الطرفين، سواء فى حركة «حماس» عربيا، أو حكومة بنيامين نيتانياهو إسرائيليا، ويراه بعض المراقبين، وأنا منهم، أنه قد يكون آخر صدام عسكرى محتدم فى الشرق الأوسط، لأنه يكشف أنه لم يعد أحد من مكونات تلك المنطقة الصعبة، والحساسة فى العالم يملك وحده مفاتيح الحل، والتأثيرعلى الآخر باستخدام القوة وتوابعها فى الحروب المختلفة.
إن «حماس» حركة مقاومة فلسطينية ملكت قدرات عسكرية محدودة استطاعت بها مفاجأة إسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة الأكثر استعلاء، والتأثير فيها، بل جعلتها شبه مرتبكة أمام إقليمها، وفى المنطقة التى تعيش فيها، وعالمها، ومكوناتها، سواء العرب الفلسطينيون أو غيرهم، وكذلك الإيرانيون وجماعاتهم المشتركة المقاومة، وغيرها، وأيضا الأتراك، وحتى الإثيوبيون.
أعتقد أن مكونات منطقة الشرق الأوسط كلها (العرب، والإسرائيليين، والأتراك، والإيرانيين، والإثيوبيين) تقرأ الآن حرب غزة الراهنة، والقراءة الأولية لدى العقلاء وغيرهم أنهم لا يستطيعون حل خلافاتهم، وتناقضاتهم باستخدام السلاح، وأنه لا أحد أقوى من الآخر، وأن القرار الإقليمى لا يتخذه مكون واحد، وعليهم جميعا أن يجدوا وسيلة للحوار المشترك، كما أنه لم يعد ممكنا أن تكون حسابات طرف التجاهل، أو تغييب الآخر، ولكن المنطقة يجب أن تجلس معا، وتحل تناقضاتها، وخلافاتها الجسيمة باستخدام العنصر السياسى الحاسم، فهو الوحيد القادر على لجم الصراعات، والحروب، بل وضع «خريطة طريق» للحل، أو التعاون، أو التناقض، ولكن ليس باستخدام السلاح، وإلى أن يصلوا إلى هذه النقطة يجب أن تكون القوة الحية، والمؤثرة عالميا، وإقليميا، بل داخل كل دولة، قادرة على لجم هذه الحرب المجنونة الراهنة، وإنهائها فورا، وتقليل خسائرها الدامية، والمؤثرة، خاصة على المدنيين فى غزة.
