البدر والاكتمال.. الأمير الشاعر!

الخميس 1 من ذي القعدة 1445 هــ
العدد 50193
من علامات اكتمال البدر أن يُرثى الإنسان نفسه، وهذا ما فعله الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود (٢ أبريل ١٩٤٩- السبت ٤ مايو ٢٠٢٤)، وأن يحضر تكريمه، وكذلك إصدار أعماله الشعرية كاملة فى عام ٢٠٢٢. لقد رحل الأمير الشاعر الذى كرس نفسه للكلمة فأصبح «مهندس» الكلمة فى بلاده السعودية، وانتقل إلى عالمها العربى كله، ولم يكتف بذلك، فرسم القصائد على شكل لوحات بديعة، وجمع بين الشعر والرسم مثلما جمع بين الصحراء والبحر فى فضائهما المفتوح. نحن أمام ظاهرة أدبية استثنائية فى كل ما قدم خلال ٥ عقود فى مدرسة شعرية أدبية أوجدت ذائقة لدى كل العرب والخليجيين لعقود متتالية بإبداع، وحرفية صادقة مع نفسها، ولا نقول ذلك مجاملة، فلم تكن قصائد الخليج معروفة قبله، ولم تكن مُغنّاه إلا معه، وقد عرفها كل متذوقى «العربية» عبره، وخرجت من بيئتها إلى إقليمها معه للسعوديين المعاصرين اليوم الذين اكتشفوا أهمية الفن، والشعر، وأصبح جزءا من هويتهم المعاصرة أن يعودوا إلى الأمير بدر بن عبدالمحسن، باعتباره من أهم المؤسسين لهذه الفكرة الموحية لهم، فقد حملهم عاليا عبر فنانين، وأصوات، وجواهر بدأت مع محمد عبدالوهاب فى عشرينيات عمره (طال عمرى، ووصلت من ماضى حياتى)، ونجاة فى (موال الشوق)، إلى أن حمل الأغنية الخليجية كلها ليجعلها «سفيرة» تلك المنطقة فى العالم العربى، فقد غنى من كلماته طلال مداح ٨٠ أغنية، ومحمد عبده ٦٠. أعتقد أن بدر بن عبدالمحسن الأمير الشاعر الراحل رمز ثقافى، ومبدع للقصيدة الفريدة، والأغانى المتجددة، والفنون البصرية عامة، والمسرح الغنائى، وقد كتب للعقيدة والوطن (فى يدنا كتاب الله، يا أهل التوحيد والدين حدثونا، وسلام الله معك يا بلادى)، وقد نجح الشاعر المذهل بدر عبدالمحسن لأنه عرف وطنه، وتاريخه، ورسمه، وقدمه تجربة فريدة لتجرى على اللسان العربى من المحيط إلى الخليج بانسيابية، وكأنها أغنية كل وطن، وكل إنسان، مما يجعلنا نقول بكل أريحية إنه من الخالدين فى لسان ولغة العرب.
