ثلاثية ترامب وبايدن وأمريكا «2»

الخميس 12 من محرم 1446 هــ
العدد 50263
أعتقد أن ترشح ترامب رئيسا للولايات المتحدة بقدر ما كان مطلبا من أنصاره، وهم كُثر، إلا أنه بعث برسائل الخوف، والقلق لدى الأمريكيين فى الحزب المنافس، والمتحلقين حوله (الديمقراطى) ومرشحه (أيا كان) من أوباما إلى بايدن الرئيس الذى صنع الانقسام فى أمريكا، والمطالب اليوم بتوحيد الأمريكيين، كما أنه الرئيس الذى لم يقبل أن يصافح غريمه فى المناظرة، أو ينظر فى وجهه، وأيضا هو نفسه الذى تحدث إليه بعد نجاته من الموت، ويقولون إنه كان لطيفا، وتبادلا الدعابة، وقد لعبت الظروف دورها فى تبادل الأدوار بينهما فى التاريخ الأمريكى خلال القرن الحادى والعشرين. إن أمريكا هى التى تصنع الأسطورة، هذه المرة، بين عجوزين، أحدهما تليد، ومخضرم فى السياسة، والثانى رجل أعمال دخلها من باب الهواية، وبرنامج تليفزيونى لملكات الجمال يلعب على الصورة، والنساء، كما أن أمريكا هى الإمبراطورية التى غيرت العالم ودفعته إلى الفضاء، وكل شىء حولنا وراءه الأبحاث، والعلوم الأمريكية (المدنية والعسكرية)، وآخرها ثورة النت، والذكاء الاصطناعى، والجامعات الحديثة، والدوران حول الكرة الأرضية، والعلوم المبتكرة، والجامعات التى لا تتوقف عن اكتشاف الظواهر المدنية، والعسكرية الغرائبية التى تصبغ عالمنا المعاصر. أرى أن أمريكا سائرة إلى تغيير جلدها، والظروف تستجيب لها، وتصنع لها الأساطير المتداولة، ولذلك انظروا إلى أمريكا فى العمق، ستجدون أن نظامها يستوعب المتمردين، بل المجرمين، والمتسلطين، ومؤسساتها تهضم كل ما حولها، وفى هذا الإطار فإن أمريكا تتجه إلى مرحلة يبدو لنا أنها الانقسام، والتشرذم، ومخاوف من تحلل حالة «الاتحاد»، ولكن فى العمق هو الاستيعاب، والدمج، وتعليم المتهورين ما سوف يكون عليه العالم القادم الذى شكل معالمه الآن بوسائل لم نعرفها من القرون السابقة، ولكنه عالم الإنتاج.. عالم العالم كله الذى يعيش على مائدة واحدة، وتحكمه الفردية التى أصبحت محوره، ويطلقون عليها الثورات الجديدة فى الإعلام، والسوشيال ميديا، والذكاء الاصطناعى، وعوالم الجينات التى يلعب فيها العلماء الأدوار الرئيسية، ولكنها الخفية، ولهذا ستظل أمريكا هى الأسطورة، ويدور العالم بقاراته حولها.
