مقالات الأهرام العربى

حدث فى شرم الشيخ والرياض وبيروت

< من مدينة شرم الشيخ، جوهرة مصر، أو مدينة السلام، أو أرض الفيروز، أو عاصمة السياحة العالمية أرسلت مصر، من خلال الشباب طوال الأسبوع الماضى ( 4-11 نوفمبر2017)، رسالة بليغة وعميقة، سيستمر مداها للقرن الحادى والعشرين.
الرسالة، على عمقها وحكمتها، كانت يمكن أن تصل بسرعة البرق، ولكن لحضارة مصر العميقة والممتدة الجذور، كما سماها ولخصها رئيسها السيسى فى كلمات دقيقة (فرعونية) ..(عربية)..(إفريقية)..(بثقافة البحر المتوسط) كانت مبهرة من حيث الجمال والتنظيم والدقة، تقول للعالم إننا برغم، ظروفنا الاقتصادية والاجتماعية، ومواجهات الإرهاب وحروبه المخيفة، وكل عناصر التخلف، ما زلنا قادرين على استلهام حضارتنا وقدرتنا وإمكاناتنا، قادرين على خطف العقول والألباب، وتركيز الانتباه لقوة الرسالة وعمقها أن مصر دولة متسامحة.

دولة ضد الإرهاب والتطرف دولة صانعة ومؤمنة بالسلام وتسعى إلى تكريسه من بلادها ومنطقتها، وأننا ما زلنا قادرين على حشد العالم لدفعه إلى وقف الصراعات والحفاظ على الحضارة الإسلامية فى ظل السلام والاستقرار بكثير من اللغات أكدنا الرسالة، وأظهرنا التفوق الحضارى لشبابنا ولبلادنا، وخطفنا عقول العالم فى إفريقيا وآسيا وأوروبا – الدول النامية والدول الكبرى الكل على قدم المساواة.

كان عمق الرسالة المصرية فى الدول الإسلامية لتقول للعالم إن المسلمين صناع حضارة، وليسوا تجار أديان أو إرهابيين، كما يعيش العالم المعاصر فى المرحلة الراهنة، ويرى أن التكفيريين والإرهابيين استطاعوا خطف الدين الإسلامى وتوظيفه، والإساءة إليه فى مختلف دول العالم، أولاها منطقتنا العربية التى تعيش ظروفا دقيقة وصعبة للغاية فى مواجهة التيارات الأصولية الدينية، سواء كانت سنية كالدواعش، أم شيعة كما تسمى أحزاب الله وميليشياتهم التى أشاعت الخوف والخراب فى منطقتنا.
مؤتمر ومنتدى شباب العالم أعطانا ـ نحن الشيوخ ـ قوة وصمودا، وبعث الأمل داخلنا أن مصر قوية وتستطيع أن تبنى المستقبل وتتطور وتتحضر، شباب شرم هزموا داخلنا صورة الشباب الذى خرب ودمر وحرق باسم الثورة وباسم التغيير.

شكرا لمنتدى شرم الشيخ للشباب لقد هزمتم فى أيام قليلة صورة فظيعة تكرست فى عقولنا عن شبابنا واستهتارهم، وأنهم مخربون وجهلة يتصورون أن الفوضى وأن الثورة تعنى الحرق والسرقة وادعاء البطولات الوهمية.

شكراً لمنتدى شرم الشيخ، غيرتم فى أيام قليلة صورة المصرى أو العربى المسلم من أنه متطرف وإرهابى إلى شباب حضارة وصناع إنسانية.
وأقول لكم، أمسكوا فى منتدى شباب العالم، وأظهروه ليصبح مؤسسة مصرية خالصة تدعو لوحدة الشباب فى كل العالم، تدعو الشباب للعمل والإبداع بحرية وبحضارة وتعاون، وترسل للعالم كل يوم معنى المصرى وحضارة المصرى.

< الصورة الثانية كانت فى الرياض، عاصمة السعودية، فالضربة التى وجهها الملك سلمان والأمير محمد ولى عهده للفساد، أثلجت صدور الكثيرين من المحبين للسعودية والعرب، فقد تصور المفسدون الذين راكموا الثروات خلال الدولة السعودية العتيدة وقتها، أنها أصبحت أسيرة لهم، وأن الدول يجب أن تكون تابعة لهم، حتى تستمر وتقوى.
تصوروا أن الدولة السعودية أصبحت هرمة، ولا تستطيع تأديب أبنائها الذين خرجوا عليها، وكونوا الثروات الضخمة، بأساليب فاسدة، واستباحتهم المال العام كما سماها الملك الحاسم سلمان.

ويريدون أن يجعلوا الدولة والشعب تابعين لهم، سواء فى الداخل أو الخارج، وأن يفعلوا كل شىء بعيداً عن الرقابة والقانون والعدل، وأنهم أصبحوا هم القانون، فكانت يد الدولة قوية وقرار الملك حصيفاً.

صحيح أن الدولة تعانى، وهذا طبيعى الآن، ولكنها أجرت عملية جراحية عميقة لاستئصال ورم سرطانى خبيث، إذا استمر كان سيؤدى إلى مقتل الدولة نفسها، تحية للرقابة وللدولة السعودية، لأن استقرار السعودية ونموها وقوتها هو قوة ورصيد للعرب جميعاً.

ما تفعله الدولة السعودية فى مواجهة الإرهاب والفساد، والدور الإيرانى فى الداخل وفى المنطقة يبعث على التقدير والإعجاب، ويعد شهادة ميلاد جديدة للمملكة، ويعكس قدرتها على التجدد والتغيير والتكيف مع العصر بكل متطلباته.

ففى سنوات قليلة فى عمر الزمان اجتازت السعودية تطوراً هائلاً على أكثر من صعيد غيرت فى سلم السلطة، وأوجدت الشباب فى سدة الحكم والدور الطليعى فبعثت دماء جديدة وقدرة متجددة حققت مساواة للمرأة فى الدور والمكانة والحرية وحجمت التيارات المتشددة التى أرادت أن تجر الشعوب معها إلى سراديب ماض لا يستطيع أحد أن يعيش فيها، فأدخلها الملك سلمان بن عبدالعزيز عصراً جديداً وصمم أن يصلح كل الأمراض القديمة بحسم ورؤية عصرية بما نراها فى منطقتنا منذ سنوات طويلة.

< أما ما حدث فى بيروت، من إعلان استقالة الرئيس سعد الحريرى من رئاسته لحكومة لبنان، أو اسمها الحقيقى حكومة حزب الله، فهو انتصار للبنان، فلا يمكن لقامة كبيرة كالحريرى أن يكون تغطية لحكومة إرهابية، تمارس القتل والسيطرة فى كل المنطقة، باسم الدين وباسم الطائفة، وتحت رايات الجهاد ومكافحة إسرائيل، وهى غطاء لدولة أخرى هى إيران التى تعبث بكل الأوراق العربية من أجل الصالح الإيرانى فقط.

وما أهم من الجهاد أو المقاومة لحزب الله الإرهابى إلا ورقة إيرانية تلعب بها للشارع العربى وللطائفة التى تمتلكها، وفى ساعات المواجهة والحروب الكبرى لا يمكن إمساك العصا من المنتصف، وقد حانت لحظة المواجهة، ويجب أن تعرف إيران أنها يجب أن تتوقف عن التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية، ومن التبجح والغرور الإيرانى القول إن حزب الله أو الحرس الثورى يحكم العراق وسوريا ولبنان، ويسيطر على اليمن ويتدخل فى البحرين، ويؤثر فى كل العواصم العربية.

حان أن يتوقف ذلك، وأن يكون الرهان العربى على المواجهة حاسماً حتى نتخلص من التداخلات الخارجية والإقليمية فى الشئون العربية سواء كانت إسرائيلية أم إيرانية أو تركية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى