الشاهد

التهنئة للكويت وللشاهد

هزتني الانتخابات البرلمانية الكويتية لمجلس الأمة الجديد، التي تمت في ظروف صعبة ودقيقة تمر بها المنطقة، فلم تمنع الحروب والفتن الاقليمية والدولية التي تمر بها المنطقة العربية والشرق الأوسط خصوصا من أن يمر الاستحقاق الانتخابي بلا مقاطعة من كل التيارات، واستمع الكويتيون إلى الرأي والرأي الآخر بكل جدية واحترام، ولم ينزلقوا إلى الصراعات والحروب المشتعلة في الجسم العربي، وكانوا قادرين بالحكمة على «تلجيم» التيارات الدينية والمتعصبة من أن تجر الانتخابات والخلافات في الرأي والرؤية إلى صراعات لا تنتهي ونجحت الانتخابات كما أراد أمير البلاد أن يسمع إلى الصوت الكويتي في لحظة دقيقة على الصعيدين المحلي والاقليمي في الرؤى الداخلية لمواجهة المتغيرات الجديدة في الشأن الاقتصادي، وتلاحم الكويتيون على اختلاف الانتماءات السياسية والطائفية خلف الدولة بعيدا عن الاستقطابات الحادة التي تسود المنطقة نتيجة الحروب والخلافات بين الدول، حتى أصبحت الكويت المكان والملجأ السياسي الذي يلجأ اليه العرب لوقف الحروب و«تلجيم» الصراعات الاقليمية، وهي منطقة حساسة ودقيقة أن تظل حامية للمصالح العربية، ورمزا ايجابيا للعرب ومصالحهم، وفي الوقت نفسه المكان الذي يلتقي فيه الأضداد أو المتصارعون.
فالكويت أصبحت نقطة الحكمة البالغة والنضوج الناتج عن الخبرة والمعرفة الذي تحقق للقيادة هناك في الزمن العربي الصعب، فلم يكن من خلال هذا المنظور الا أن نفهم قرار الأمير باللجوء إلى الانتخابات ليسمع رأي الشعب ويكون هناك مجلس جديد يكون مع الكويت في المرحلة المقبلة من التاريخ الخليجي والعربي الصعب والدقيق، ولذلك فقد سعدنا نحن العرب بالعرس الديمقراطي الذي جاء بمشاركة الجميع بلا أي مقاطعة أو اقصاء، وتحقق فيه الشعار الذي رُفع «صوتي لوطني» وليس لطائفة أو انتماء خارجي، أو حتى رؤية أيديولوجية أو قبلية. فهنيئا للكويت مجلسها الجديد، وليبارك الله لأقدم ديمقراطية في الخليج التي ظهرت في ستينيات القرن الماضي، ولترتفع تقديراتنا لأداء هذا المجلس إلى مرحلة النضوج الكامل، وليساعد الحكومة على أن تتبوأ الكويت مكان الصدارة والقيادة خليجيا وعربيا، حيث انها مؤهلة له وجاءت في أوانها ولحظتها التاريخية والحاجة اليها والي دورها الريادي الذي لا تخطئه العين، خاصة في لم الشمل العربي وايجاد المناخ التصالحي وتمهيد الأرض للعمل المشترك لمجابهة القوى التي تريد ضرب الهوية العربية في صراع قوميات لا طائل من ورائه، وتبديد الهوية الإسلامية في صراع طائفي بغيض عفى عليه الزمن، وأصبح لا يليق بالإنسان المعاصر أو المسلم الصحيح الذي يعرف دينه وربه حقا، ويسعى للاصلاح وبناء الأوطان والخير بين البشر في عالم نصب فيه أعداؤنا لنا مسارح الحروب حتى ينتهوا منا جميعا ويتفرغوا لبناء عالمهم على أنقاض قوميتنا وديننا.
وتتمازج تهنئتي للكويت بإنجاز الاستحقاق الانتخابي مع سعادتي الغامرة باحتفال جريدة «الشاهد» بالعيد التاسع لصدورها، ذلك المنبر الكويتي المتميز الذي يعبر عن الهوية الوطنية للكويت ممزوجة بعروبتها بروح عصرية غير متعصبة، ولكنها معتدة بمعين ثقافتها الخليجية العريقة باعتبارها أحد الروافد الثقافية والشرايين القوية التي تغذت بها الثقافتان العربية والإسلامية، ويرجع ذلك إلى قوة وقدرة ربان هذه السفينة الشيخ صباح المحمد على صياغة الرؤية والتعبير عنها بشجاعة واقتدار، ولا تعوزه الجملة الرشيقة أو التعبير الصريح، والتحية لجهازه التنفيذي الراقي والمتمكن بقيادة نبيل الخضر، أما شبكة الكتاب فهي الأرقى والأكثر تعبيرا عن الكويت والمنطقة العربية، فلهم مني جميعا التقدير، ولا يفوتني التعبير عن سعادتي أنني جزء من هذه المنظومة الكفوءة والهادئة التي تعرف ما تعمل وأهدافها سامية وراقية.
وأختم بتعبيري عن عميق شكري للكاتب والأخ عبد العزيز التميمي من مقالته يوم الأحد الماضي بعنوان «من مصر ينطلق التميز والنجاح»، الذي سرد فيها بأريحية عربية وبحب حقيقي كيف أن مصر تحتضن كل عربي مبدع بلا أي تعصب عرقي أو ديني ليبدع ويعبر عن فنه وثقافته، وعندما قرأتها أثلجت صدري وقارنت بينها وبين الكويت فوجدت الشبه بين القطرين كبيرا في حب العروبة وثقافتها، بل في حب الإسلام بلا طائفية أو تعصب، ووجدت المناسبتين، الانتخابات البرلمانية وعيد ميلاد الشاهد، فرصة لبعث رسالة حب لأهل الكويت وصوتهم الجميل «الشاهد» جريدة وتلفزيونا وانترنت، كل عام وأنتم بخير، وتجمعنا مناسبات جميلة وخيرة وتقدم وقدرة على وقف الحروب والتدمير وانهيار المدن والأوطان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى