لحظة فخر لا توصف..!

الأربعاء 23 من ربيع الثاني 1447 هــ
العدد 50717
من أقوال العرب قديما: «إذا مصر قالت نعم أيدوها، وإن أعلنت لاءها فاسمعوها، فمصر منزهة فى الأرب، ومصر العلا وضمير العرب»..هكذا كانت مصر، ومازالت، على مواقفها الثابتة لا تتغير، ولا أحد يستطيع أن يؤثر عليها كائنا من كان، ومصر اليوم لا تدير فقط مفاوضات، بل توقعات المنطقة، بل العالم، وبين ضجيج القمم، وبريق الصور، اختارت القاهرة طريقا أكثر صرامة، وأقل بهرجة: بناء، استقرارٍ، قابلٍ للصمود، والرئيس عبدالفتاح السيسى فى لقائه ترامب لا يقدم «خطابا» بقدر ما ينسج «منهجا»- منهج يوازن بين الاستجابة للضغوط المتوقعة، وحماية المصالح الوطنية للشعوب، ويحول الوساطة من فعلٍ ظرفى إلى وظيفةٍ دائمة فى بنية النظام الإقليمي. أعتقد أن مصر، بحكمة قيادتها، ودبلوماسيتها المتوازنة، نجحت مرة أخرى فى لعب دور الوسيط الأمين، مسخرة كل إمكاناتها لإيقاف الحرب، وفتح مسارات إنسانية، وإعادة إعمار، ومصر، بعلاقاتها الدولية ودورها الإقليمي، قادرة على قيادة مسار يعيد الحقوق، ويبنى سلاما قائما على الاحترام المتبادل، لكن ذلك يتطلب خطوات جريئة من الجانب الإسرائيلي، وضمان حق الفلسطينيين فى دولة مستقلة، واللحظة الراهنة تحمل فرصة قد لا تتكرر، وعلى المجتمع الدولى أن يتحمل مسئوليتها، وأن يدعم الجهود المصرية والإقليمية لتحويل الوضع إلى سلام دائم، وإذا كان قُدر للشرق الأوسط أن ينبعث من جديد بنهاية هذه الحرب، فستكون كلمة السر هى التنفيذ.. هنا تتفوّق مناهج الواقعية الهادئة على العناوين الكبيرة: اتفاقاتٌ تُنفّذ، لا تُعلَّق على جدران التاريخ، هذا هو الامتحان الذى تستعد له مصر- وبخبرتها ووزنها، لديها كل ما يلزم لتجعله نجاحاً لا فرصةً ضائعة، وقد كانت مصر هى العقبة الوحيدة فى وجه كل المخططات من أول الشرق الأوسط الجديد، وصفقة القرن، ومخطط التهجير، وهى أفعال أكدتها مصر وترجمتها فى كل مناسبة، وتترجم فى قمة شرم الشيخ، هذه الأفعال لتأكيد مصداقية مواقفتا العربية.
وأخيرا، مصر قالت كلمتها: لا تصفية لقضية فلسطين، ولا لتهجير شعبها، ولا للحصار.. ووصلت إلى مسامع العالم، ومسامع البيت الأبيض.. عبر قمة شرم الشيخ التى قالت من جديد: فلسطين ستبقي، وإن الفلسطينيين باقون على أرضهم، وسوف يُعاد إعمار غزة.. هكذا كانت مصر واضحة منذ اللحظة الأولي.
