مقالات الأهرام العربى

إفريقيا جميلة .. مانديلا جديد رسالة مصر إلى العالم

فى شرم الشيخ، عاصمة السلام والجمال المصرية، عقد منتدى شباب العالم (3 – 6 نوفمبر2018 )، وهناك الكثير الذى يمكن أن يكتب أو يقال عن أيام أربعة، لآلاف الشباب من كل دول العالم على مائدة مصر.
لكننى ألتقط بعداً واحداً، فقد رأيت مانديلا يولد من جديد.. رأيت رمز السلام فى مصر، السادات يولد من جديد، رأيت رمز التعاون العربى – الإفريقى والإنساني، الشيخ زايد بن سلطان، مؤسس الإمارات العربية يولد من جديد، لأن أدوار وأعمال الثلاثة، تسبق أى تفكير، فهى ليست أعمالاً فقط بل رؤية للحياة والعالم.

فهم لم يولدوا، عبر فيلم، يعرض شخصياتهم، أو عبر تكريم لأبنائهم أو أحفادهم، فى ربوع المؤتمر مع الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسي، أو مع شباب مصر، أو عبر الكلمات التى قيلت وتقال فى منتديات المؤتمر، وأساليبه الحديثة فى المحاكاة، وتوصيل الفكر، والتعلم والمعنى عبر الصورة والكلمة المعبرة، لكل الناس ولكل الشعوب، بلا تمييز، بل لأن الميلاد كان حقيقيا وعمليا، ومن خلال رؤية قلائل من هؤلاء لعالمهم، التى أصبحت حقيقة تتبناها مصر عاصمة العالم الجديد، حيث تقدم الأفكار والرؤى لتشكل التعاون المستقبلى لكل القارات، ولكل عواصم العالم، سواء فى أوروبا أم فى أمريكا أم إفريقيا أم آسيا.

هذا ما يجرى على أرض مصر، بينما العالم الأكبر الأغنى، يمر بحالة من الارتباك، وغياب الرؤية، لأن العولمة اهتزت، حتى الرأسمالية العالمية، تمر بظروف صعبة ودقيقة، والسلام والسلم العالمى يختفيان، وتنتشر فى ربوع العالم الحروب الصغيرة والكبيرة، بل إن الحروب الباردة تنتشر، فإن العالم الذى صنع الحضارة الإنسانية المعاصرة التى بزغت من أوروبا ثم أمريكا، أصبحت لديه غيامة فى الرؤية، فقد جاءت الرؤية من مصر إفريقيا بلد الحضارات القديمة.

هنا من شرم الشيخ، العاصمة المتجددة للسلام والأمن فى التعايش، لتقول إن الحروب وعدم الاستقرار لم يصنعا مستقبلاً لأحد، وإن مسئولية صناعة السلام هى على عاتق الحكام والشعوب، فلا تنمية دون السلام والاستقرار فى العالم، والسلام يحتاج إلى مغامرة والسير فيها، لأن مصالح الفقراء والبسطاء فى هذا الاستقرار.

هذا ما قاله مانديلا والسادات وزايد فى القرن العشرين، وعملوا على تحقيقه، والسير فيه، كما أن عدم التمييز والاستعلاء من الأغنياء ضد الفقراء أو الملونين، وهذا ما رفضه مانديلا، وعندما انتصر لم يحرم المستغلين والمحتلين السابقين لبلاده من التعايش، بل صنع بإرادة صلبة تعاونا كبيرا بين عنصرى الأمة فى جنوب إفريقيا، رؤية صنعت مجد هذا البلد الإفريقى العتيد، وحمت كل أبناء جنوب إفريقيا، وجعلت مانديلا أيقونة لكل شعوب العالم.

وهكذا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذى جعل من أموال البترول حقا لكل شعوب العالم، ومشروعا وعملاً فى كل بلد.. كل الدنيا شعرت بحنان وأبوة الشيخ زايد، الذى أصبح علامة عربية لرجل عربى حكيم فتح الطريق لبلاده، لتناطح الكبار ومد أيديها لكل العالم.

إفريقيا الجديدة التى نحلم بها ولدت فى مصر، عندما أعلن رئيسها عن مدينة جديدة للشباب الإفريقي، فكرس معنى الوحدة والتكامل بين شعوب إفريقيا، وبدأ بقوة التحرك المستقبلى للشباب، عندما وضع أجندة لتحرك مصر فى إفريقيا فى العام المقبل 2019عندما تصبح مصر رئيسا للاتحاد الإفريقى .. إفريقيا تعلو بمصر..

مصر تعلو بإفريقيا، كانوا يخافون من الاهتمام الإفريقى على اعتبار أن معنى ذلك غياب العروبة، فجاء مؤتمر شرم الشيخ ليقول إن مستقبل مصر فى إفريقيا، وإنه لا يلغى طبقات التعاون المصرى المتعددة من الفرعونية القديمة إلى اليونانية والرومانية المتوسطة إلى القبطية والإسلامية، مصر الغنية فى توسطها للعالم، ترسل رسالة للعالم الجديد عن معانى الهوية، وأن ثقافتها لا تمنعها من التعاون مع العالم كله، وأن تمهد شبكات الطرق والبنية الأساسية والمطارات لتكون نقطة للتجارة العالمية.

هنا فى مصر رؤية جديدة، بل إن هناك عملاً للنهوض، يجب أن يشارك فيه الجميع، ولا يتخلفون، فهناك إمساك بالحضارة الإنسانية كلها للتقدم.. بلادنا أصبحت لا تخاف أن تتكلم بصراحة، وتقود واقعها بل تتحرك لتغييره.

عندما تعمل مصر مع إفريقيا سوف تهزم أزمة الزراعة، ونقص المنتجات الغذائية، لأن إفريقيا هى مخزن الغذاء للعالم المعاصر..

عندما تعمل مصر مع إفريقيا، فلا معنى لأزمة المياه، لأن إفريقيا هى بنك المياه للعالم المعاصر، ولكل فقراء المياه فى عالمنا، فالمياه التى تملكها إفريقيا، إذا أحسن تخزينها، لن تجعل لندرة المياه فى عالمنا مكانا.

عندما تعمل مصر مع إفريقيا، فإننا نستطيع أن نقول: إن الإفريقى يستطيع أن يقف على قدم المساواة مع الأوروبى والأمريكى والآسيوي.

إفريقيا هى قلب العالم العربي، لأن كل العرب فى إفريقيا وآسيا، ومصر هى واسطة العقد، القادرة على لم شمل الجميع فى مكان واحد، ولصناعة رؤية جديدة لعالم جديد.

تحية لمانديلا والسادات وزايد، وبارك الله فى السيسى الذى وضعنا أمام حقائق جديدة، يعمل على تطبيقها وتنفيذها بكل تواضع ومحبة، وهو بذلك يثبت أنه يملك الحلم والرؤية والتفكير المنظم، وسيكون قادرا على تنفيذ حلمه ورؤيته، كما أن الخالق وعد هؤلاء بالنصر لأنهم المخلصون، وعلينا جميعا أن نضع طوبة أو لبنة فى هذا البناء الجديد، وما النصر إلا من عند الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى