صرخة للداخلية والمحليات.. احموا الشارع القاهري

هزني والكثيرين منا.. سقوط شهداء الواجب من ضباط الشرطة.. سواء وهم يؤدون واجبهم لمواجهة تجار المخدرات والبلطجية والمجرمين والخارجين علي القانون من كل الأصناف والألوان.. أو وهم ينظمون المرور الصعب في قاهرتنا المكتظة وشوارعها المعتدي عليها من الجميع.
وهؤلاء لم يسقطوا ضحايا.. بل ارتفعوا شهداء للحق والواجب, وضحايانا في هذه الأيام ليسوا من الرتب الصغيرة أو صغار الضباط, بل هم من كبارهم ويتقدمون الصفوف بحق.
لقد استشهد اللواء إبراهيم عبدالمعبود مدير إدارة البحث الجنائي بالسويس, واللواء مصطفي زيد رئيس المباحث الجنائية بالجيزة, وغيرهما الكثيرون.. فقائمة الضحايا طويلة.
أيضا يسقط يوميا شهداء وضحايا لجرائم البلطجة والفوضي في الشارع من المواطنين علي اختلاف أعمارهم, والأرقام تكشف عن أن خسائرنا في الأرواح والممتلكات في هذا المجال أكثر من ضحايا الحروب والكوارث والأمراض مجتمعة, وآخرهم الكاتب والأديب توفيق عبدالرحمن شقيق زميلنا الأستاذ حازم عبدالرحمن مدير تحرير الاهرام.. للفقيد الرحمة ولأسرته خالص العزاء.
لقد جسد هذا الحادث البشع أمامنا مظاهر البلطجة في أبشع صورها, لأن الضحية وقف بسيارته ليأخذ حقه القانوني, بعد أن تعرض لاعتداء سيارة ميكروباص أو إحدي المركبات القاتلة التي تتحرك في شوارع العاصمة المصرية بلا قيود أو متابعة من أحد..سيارة خارجة علي القانون بلا ترخيص, وقائدها وملاكها يتحركون بحرية.. أو لنقل يقتلون بحرية, وبلغت بهم البلطجة والجريمة مداها.. أنهم يسخرون منا ومن مجتمعنا بل ومن الكل.. من الناس.. ومن الحكومة.. ومن رجال المرور.. ومن الشارع الذي يسيرون فيه.. ويرون فيه كل أشكال الفوضي والخروج علي القانون, لأننا تركناهم طويلا يثيرون الجلبة والضوضاء, ويتحركون في قلب عاصمة الحضارة.. القاهرة وكأنهم يسيرون علي خطوط في البراري أو في الصحراء وليس في شوارع القاهرة.
سيارات مخالفة هي في حد ذاتها جريمة متنقلة أخطر من التوك توك, وأصحابها يتعاملون مع الركاب بلغة وسلوك لا تألفه ولا تقبله أي عاصمة تبحث عن التقدم. والأخطر أنها كلها أصبحت بلا تراخيص وأغلب وسائقيها من أصحاب السوابق, ويمارسون علي الركاب كل أصناف البلطجة وأنواعها.. يصرخون في العاصمة وهم يتنقلون
وكأنهم يطلبون من كل مركبة أو مواطن في الشارع أن يتجنبهم ويؤثر السلامة.. أصبحوا هم القانون في الشارع!! لأنهم يتصورون أن القانون غائب, فالشارع لا يحكمه قانون المرور الذي وضعه البلطجية علي الرف, لدرجة أن رجال المرور أصبحوا يوقفون السيارات والناس في طوابير طويلة.. ويوقفون الحركة في الشوارع لكي يكتشفوا الخارجين علي القانون, وهكذا أصبحت حالة شوارعنا وحالة المرور في بلدنا قاسية جدا, المعتدون علي الشارع يتزايدون..
من شوارع الجراجات إلي شوارع المحلات إلي الرصيف الضائع بين المقاهي والباعة الجائلين.. صورة فاضحة للشارع القاهري. فكلنا ضحايا وكلنا متضررون, وكلنا نصرخ, وبعضنا يطلق العنان للكلاكسات وضجيجها.. ذلك الضجيج الذي أصبح عنوانا لشارعنا وعاصمتنا دون كل عواصم الأرض, فنحن عاصمة الضجيج والفوضي.
إننا لا نطلب الكثير من الداخلية ومن المحليات.. كل مانقوله لهم هو: أحموا الشارع.. وطبقوا القانون فأنتم متضررون وضحايا وتموتون في الشارع ونحن نموت معكم, وطوروا أداءكم ليصبح عصريا, ولكم سابق خبرة في مواجهة الإرهاب والتطرف, وقد حققتم فيه إنجازا كبيرا. نريد إنجازا مماثلا له في معركتكم القادمة في الشارع التي أعتقد أنها أسهل من سابقتها.
نريدكم أن تقودوا وتوقفوا الفوضي في ضبط الشارع المصري, ونحن يجب أن نكون معكم, وأن نضرب معكم بسيف القانون الخارجين عليه. وأن نتعاون معكم ولا نخاف ولا نتردد, ونكون مثل الشهيد توفيق عبدالرحمن الذي أصر علي أخذ حقه من المعتدي ولكنه دفع حياته ثمنا لذلك.
للشهيد والشهداء الضحايا الرحمة في شهركريم نودعه, والدعوة قائمة ودائمة لحماية الشارع المصري من الفوضي وغياب القانون!
osaraya@ahram.org.eg
