مقالات الأهرام العربى

رسالة إلى الضمير الأمريكى الغائب

إذا كان العالم قد اختزل فى الدور الأمريكى.. فالرسالة أصبحت ضمنياً إلى الضمير العالمى..»فالكل يلعب دور الكومبارس« فى صياغة القرار.. الأمريكيون هم وحدهم ـ ودون معقب ـ أصحاب الصياغة و»الرؤية« و»القرار« الأمم المتحدة، اليابان، وألمانيا، وإنجلترا أجهزة ودول تابعة مباشرة للقرار الأمريكى.. روسيا وفرنسا والصين قوة حاضرة أو غائبة.. فلا يتعدى دورها وبكامل الاحترام دور المحاور حتى وإن صاحت مهددة بحرب عالمية ثالثة، أو رابعة ـ إذا اعتبرنا أن انهيار الاتحاد السوفيتى وتوابعه.. تم فى الحرب الثالثة والتى انتهت بدون إعلان للحرب أو نهايتها كالحروب السابقة.. ولكن الجميع وعلى مسرح الحياه السياسية يعرفون الحقيقة.. المنتصر والمنهزم ـ وأن كانوا جميعا يلعبون على المسرح ويتعاملون بكامل الاحترام والمناقشة الهادئة.. والدبلوماسيون والوزراء والعسكريون يساخرون ويتحركون فى المطارات، وعلى موائد وطاولات المباحثات.. والنتجية لا يحسمها الحوار أو المباحثات ـ ولكن تنتهى دائما أن القوة تتكلم، وحقائق الأوضاع على الأرض والمصالح الكامنة والمتطلقة تضع القرار بارادة صانع القوة والمتحكم فى النظام العالمى، وإن كان يترك مفكريه وأساتذة السياسة والاستراتيجية يتحدثون فى الليل والنهار وفى كل »الميديا« أن العالم الجديد ـ متعدد الأقطاب من باب الشوشرة العالمية وإخفاء الحقائق.. بينما الواقع يكذب المحللين وأصحاب الاستراتيجية.. فالسياسة كلها واشنطن ـ والاقتصاد العالمى يدور فى فلك »الدولار«.

هذه الأوضاع.. تتجلى الآن وبأقوى وأصرح عبارة فى الشرق الأوسط.. وفى محيطنا العربى.. العرب جميعا أجمعوا على رفضهم ضرب العراق أو حل أزمة نظام الحكم العراقى بالطائرات وبضرب الشعب المحاصر، والذى يعانى تبعات حصار استمر ٧ سنوات عجاف.. أكلت الإنسان قبل الثمار.. ووضعت الشعب بأجياله يدفعون ثمن حماقة القوة التى ابتلعها نظام سطا على السلطة.. ووقع بين أقدام القوة الضاغطة والمتحكمة.

رسالتنا إلى الضمير العالمى.. ليست لمنع ضرب العراق، ولكن لوقفة نتبادل فيه الاعتراف.. الحقائق واضحة، ولكن الاختلاف حول المصالح ـ أو ما نتصوره مصالح ـ والحسابات تخفى المطامع، وتجر وراءها ضحايا، وشعوب مطحونة تعيش تعاسة القوة الغاشمة.

العرب إذا نجحوا فى وقف ضرب العراق بالطائرات هذه المرة ـ سوف يحسب لهم أنهم استطاعوا التعامل لأول مرة مع جبروت آلة الحرب الطاحنة.. وعلينا جميعا أن نخلع قبعات الاعتراف إلى نظام صدام حسين، إنه استطاع فى اللحظة الأخيرة أن يستجيب إلى صوت العقل، ويسحب فتيل إشعال النيران، التى كانت ومازالت تهدد ـ ليس شعب العراق فقط، ولكن مستقبل العراق فى الشرق الأوسط.. ووجود هذا الكيان العزيز.. وسط محيطه العربى.. فالتقسيم وعصر الدويلات الصغيرة ـ والصراع بين السنة والشيعة والأكراد.. والحروب المستمرة.. تنتظر هذا الكيان، إذا تمادى صدام حسين فى حساباته الصغيرة والخاسرة..

والنظام العالمى، وأمريكا.. لم يطلب منها العرب أن تنسى مصالحها فى المنطقة، ولكن المطلب العربى.. كان بحثاً عن نقطة التوازن..

إننا نناشد الضمير الغائب فى النظام العالمى، ألا تتحكم القوة، وتجر الشعوب إلى صراع ممتد فعندما ما تنطلق النيران وتشتعل، فالصورة ستتغير.. وإذا توقفت النيران على السطح.. فلن تتوقف فى القلوب، وهنا فالمصالح الطويلة للجميع ستكون مهددة.. والعرب عليهم أن يمسكوا بالخيط الجديد. ويتعاملوا مع العالم المتغير بلغته وقواعده،

ويأخذوا من قدرته على وقف الزحف والانهيار نقطة ضوء يبنون عليها الموقف الجديد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى