حتى لا تكسب إسرائيل يجب أن نذهب إلى الدوحة

اقتربت واقعة الدوحة من نهايتها.. فسوف ينعقد المؤتمر فى موعده فى منتصف هذا الشهر.. بدعوة من دولة قطر الشقيقة.. وستذهب إسرائيل وعملاؤها.. وسوف يتمركز الموساد فى قلب الخليج.. فهذا هو اليوم المنتظر.. والمنطقة التى يدور حولها الصراع بالتحديد المباشر.. وسوف تتدافع الشركات العالمية.. وهاهم أخطر رجال الجاسوسية فى الاقتصاد والسياسة.. سواء يلبسون زى رجال الأعمال.. أو الدبلوماسية الإقليمية والعالمية..
يستعدون لنصب شباكهم واستقطاب عملاء جدد، والشركات العالمية ورءوس الأموال اليهودية، ومن خ لفهم ومن أمامهم بنوك ووسائل إعلام إخطبوطية.. تملك الرؤية والأدوات على الحركة السريعة واحتواء المواقع وفرض رؤاها المستقبلية.. وتديرها وتتعامل معها أكبر وأهم وزارت خارجية فى العالم.. وتدعمها شبكات المعلومات، سواء كانت جامعات أو مراكز أبحاث أو أجهزة تخابر، تصب كلها فى عجلة الاقتصاد العالمى.. كل ذلك يختبرون قوتهم فى المنطقة.. ويمارسون الاستعلاء على أهلها وأصحابها الحقيقيين.. ويقولون لهم بكل لسان فصيح ماذا أنتم فاعلون؟..
فها هم عملاؤنا يفرضون الواقع ويغيرون الخريطة.. افعلوا ما شئتم.. فنحن مستمرون ولا تغيير.. وهكذا تثبت هذه الواقعة. أننا نحتاج إلى تفكير مختلف وأسلوب حديث وعصرى للتعامل مع المتغيرات العالمية، فقد أثبتت هذه الواقعة بما لا يدع مجالا للشك، أن المعركة حول مؤتمر الدوحة كانت خاسرة.. لأن إسرائيل ببساطة عادت إلى لغتها القديمة وأسلوبها المعروف.. التعامل مع الأقليات والأجزاء الضعيفة فى جسد الأمة العربية.. لاستخدامها فى إثارة صراع عربى ـ عربى.. تخرج منه مستفيدة.. وذلك الأمر لم يلحظه الكثيرون بعمق شديد، فى ظل حكومة نيتانياهو، وبتفكير اليمين المتطرف..
حيث إنها تختلف عن حكومات رابين وبيريز العمالية، اليمين لا يسعى ولا يرغب فى تعاون إقليمى حقيقى أو شكلى، بل يريد كشف هذه اللعبة.. والاستفادة من فشلها، فإسرائيل الليكود.. لا ترغب فى حضور جسد الأمة العربية الحقيقى مؤتمر الدوحة.. فلن تقدم شىئا قبل المؤتمر.. ولو ذرا للرمال فى العيون.. فهم لا يريدون أن يروا مصر والسعودية، وبالقطع سوريا، بل ودول المغرب العربى فى مؤتمر الدوحة.. لكى ينفردوا بالجسم الضعيف والنقاط السهلة فى عالمنا العربى. ليقيموا مراكز جديدة يثيرون من خلالها لعاب الضعفاء والعملاء.. لكى يكسبوا أرضا جديدة أو يخطون بقواهم الرئيسية إلى مناطق متقدمة فى قلب المنطقة العربية.. لأنهم يعرفون حاليا أن اللعب أصبح على المكشوف..
كما يريدون أن يرسلوا رسالة أخرى إلى الشركات العالمية والمنظمات الدولية والقوى الاقتصادية فى عالمنا المعاصر عن دولنا العربية.. إننا لا نسعى سعيا حقيقيا لكى نكون جزءا من الاقتصاد العالمى، وغيابهم عن هذا المؤتمر أبسط دليل.. فنحن ضعفاء وغير قادرين على هذا التحدى ولكننا نساوم على ذلك فى إطار اللعبة السياسية فى الشرق الأوسط، ونعود مرة أخرى لكى نكرر أن مؤتمر الدوحة لا يستحق كل هذه الضجة، فهو تجمع تنظمه هيئة خاصة لرجال الأعمال.. يحضره وزراء ورجال أعمال وشركات كبيرة، وليس عملية تطبيع اقتصادى فى حد ذاتها، فهو مجرد لقاء عابر..
والوضع فى منطقة الشرق الأوسط.. يحكم بفشل هذا المؤتمر قبل انعقاده.. والتقييم الموضوعى للمؤتمرات السابقة.. يؤكد على هذا الفشل، ولا يمكننا عمليا أن نستخدم ورقة عقد المؤتمر أم عدم عقده فى الضغط على حكومة يمينية متطرفة.. استخدمت التناقضات واختلاف المصالح العربية.. ورغبة الولايات المتحدة فى عقد المؤتمر بتوظيف كل ذلك لتحقيق هذا الهدف.. ولكن علينا مواجهتها داخل المؤتمر وكشف خططها العنصرية والاستعمارية، ولا نترك لها الساحة تمرح فيها.. قد يكسب نيتانياهو بغياب العرب الأقوياء عن مؤتمر الدوحة.. ولو مكسبا شكليا، بوجود إسرائيل فى قلب الخليج العربى، وغياب العرب، الورقة الآن التى أمامنا هى تحجيم الخلافات العربية ـ العربية، واستخدام مؤتمر الدوحة للضغط على إسرائيل وكشفها أمام العرب والنظام العالمى الجديد.

