ما بعد 2011

مازلتم لم تقعوا فى البئر

بقلم : أسامة سرايا

انتبهوا ايها المصريون.. انتم لم تقعوا فى البئر بعد.. بل تم انقاذكم بعملية شعبية جامعة اعترفت بها القوات المسلحة وساعدتها.. منذ ما يقرب من عام .. وتمت تلك العملية الجراحية القاسية والمريرة بما يشبه النجاح النسبى والتى تطلق عليها تجاوزا ثورة يونيو.. تلك العملية.. نجحت بما يشبه الاعجوبة. من تردى الاوضاع فى بلدنا، والسقوط فى بئر سحيقة لاحتلال اجنبى جاء لبلادنا مستغلا جماعة دينية عشقت السلطة .. فباعت الدين وسلمت الوطن لاعداءه. وتولت تنفيذ مخططات العدو الواحدة – تلو الاخري.. بمنتهى الاريحية واليسر.. فاصبحت ثلث مصر واغلى اراضيها تحت سيطرة جماعات التطرف
والارهاب وميليشاته العسكرية .. تمهيدا لاقامة امارة دينية مستقلة فى سيناء اراضى الانبياء..

ثم حدث تقسيم دينى داخل الطائفة السنية الاشعرية المصرية المعتدلة بين مسلمين وسلف وصوفيين – ثم طائفة دينية حاكمة ومميزة على رأسها ريشة الحكم اجتمعت تحت مسمى الاخوان المسلمين كل طائفة واخرى مستعدة وتملك قوات وميليشيات لبدء الحرب الدينية العظمى ..التى اذا بدأت لن تتوقف ابدا فالنيران والاحقاد والخلافات متسعة بل ممتدة لعمق التاريخ الاسلامى كله بل ان الحرب كانت مقدمات موجودة.. وفاعلة على الارض وبدأوا باستهداف الشيعة وذبحهم.. وكرسوا جل وقتهم .. فى التكريس واعداد المسرح لحرب دينية عاجلة بين المسلمين والمسيحيين فاشعلوا نيرانها ولم يقصروا فى زرع الفتن بين الشباب والشيوخ.. وبين المرأة والرجل بعد ان كرسوا حروبا لا تنتهي.. داخل البيت الواحد من الحكم الجديد والحكم القديم.. بين الناصريين والساداتيين والمباركيين ومختلف العصور.. كان هدفهم التفرقة وتكريس الصراعات..

حتى يتمكنوا من فواصل البلاد ومؤسستها ثم يسوقوا المصريين الى المذابح والحروب والفتن التى لاتتوقف.. حروب فى المساجد.. حروب فى الكنائس.. خلافات محتدة بين المثقفين وغيرهم.. لايمر يوماً.. الا وازمة عميقة وبئر سحيقة تحفر.. بل ان كوارثهم امتدت للجيش.. بعد ان دمروا الشرطة .. وزرعوا بينها وبين الشعب.. ما لايمكن اصلاحه بسهولة وتحتاج لسنوات من العمل والتجديد والاصلاح.
ماذا نحكى عن قصة مصر من ٢٠١١ الى ٢٠١٤ .. وثورتها التى صححت .. خطاءً شعبياً كارثياً فى انتخاب رئيس وتنظيم دينى متطرف متهور تارخياً منذ نشأته باستخدام العنف والارهاب للحكم.. واكتشفنا انهم وصلوا الى مستوى عسكرى واقتصادي. يؤهلهم لمناطحة الدولة المصرية وجيشها.
واكتشفنا انهم استطاعوا تكون حلف دولى امريكى اوروبي.. وحلف اقليمى قطرى تركى ايراني.. ومساعدات وتعاون خفى وعميق مع ايران.. لكى يؤهلهم لاحتلال مصر.. وفرد الاحتلال الاخوانى بالقوة العسكرية والمادية على المصريين.. ثم يتولونهم من اموال واراضى المصريين تسديد فواتير هذا الاحتلال وتلك السلطة المخيفة.. لم يتردد الجيش المصرى وقائده فى قبول التحدى والاستجابة للمطلب الشعبي.. حتى لو كان هناك قتال وحرب وتهديد وارهاب اخواني.. جاء واعلن عن نفسه وهدد ومارس عنفه باستخدام الاموال والاسلحة الخارجية القادمة من مساعدات ودعم من كل من اراد التخلص من
مصر ونفوذها.. وتحولها لدولة تابعة لاذكر ولاتاريخ ولا دور!! دولة تهتف للخلافة العثمانية التركية الجديدة والمستحدثة .. دولة تهتف لنفوذ قطر ومحطتها التليفزيونية.. دولة تهتف للاخوان المسلمين. ولكل من يلوذ باموالهم ودعمهم.
الجيش والشعب رفض التباعية الامريكية وعملاؤهم.. ونفوذهم حتى ولو جاء هذه المرة مستتراً بثوب الحكم الديمقراطي. ولكن تحت تهديد استخدام السلاح وحرق القاهرة وعواصم المحافظات اذا لم يعترفوا بنفوذ الحكام الجدد.. وسيطرتهم وشعاراتهم الدينية المقيتة وخلافاتهم المستترة.. باستعمار جديد.. لبس اثواب العصر وجاء على اكتاف شباب ال »فيس بوك » وال »تويتر »..ايها المصريون الكرام لم تقعوا فى البئر بعد.. ولكن امامكم مشواراً طويلاً من العمل الجاد.. لتجديد انفسكم.. وامامكم العبرة السورية.. فسوريا تموت موتاً بطيئاً.. ولم يعطف احد على شعبها وهى مريضة ويدخلها غرفة الرعاية المركزة.. بل ترك شعبها فى الشارع وفى الشتات اطفال.. تموت ومعاناة انسانية لا يتحملها اى ضمير.. وهكذا ليبيا الشقيقة. وهكذا السودان
يتمزق.. وهكذا العراق يدمر ويتمزق.. وهكذا اليمن ينقسم.
وهكذا لبنان يتجمد. كل من تمتد له ايديهم يحرقون طرفه لاسرائيل وبأيد ابناءنا ندمر اوطاننا.. لصالح عدد يتربص .. بعد كل شئ.. لتحويل الى عبيد فى
العالم الجديد. وشعوبا محتلة بلاامل فى مستقبل.
ايها المصريون الكرام: لم تقعوا فى البئر بعد .. المنطقة تتحول من الزمن الثورى الى الزمن الفوضوي، وكنا جزءا من الاول ولن نكن جزءا من الثاني.. فقد ادركنا بوعى وبثقة ان الامن الوطنى ليس امناً عسكرياً فقط بل هو امن سياسى واقتصادى واجتماعى وحقوقى وثقافى واعلامي.. واخترانا قائدا ملها لايهتز اويضعف امام القرار الصعب.. ليقودنا فى هذه العملية الحضارية الصعبة والقاسية.. فلنقف جميعاً معه .. ولانضعف ولانتردد فى اداء واجباتنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى