مقالات الأهرام اليومى

العقول المصرية المبدعة

لن تنمو مصر وتتقدم في كل المجالات بدون أن تهتم بالقدرات المصرية‏,‏ خاصة الخلاقة منها‏,‏ ولن تكون للجنيه المصري مكانة في بلده‏,‏ تحافظ علي سعره بدون استخدام السلعة المصرية‏,‏ واحترامها ونشرها في كل مكان‏,‏ سواء في السوق المحلية أم في سوق التصدير‏,‏ وهذه مهمة الحكومة أولا ثم مهمة الشعب ثانيا‏,‏ في ظل مشاركة فعالة بين الاثنين‏.‏

ومن هذا المنظور فإنني أشير إلي ظاهرة أو قمة هندسية مبدعة‏,‏ تحظي الآن‏,‏ في كل مكان‏,‏ بالاهتمام والتقدير‏,‏ في جميع المحافل الإقليمية والعالمية‏,‏ خاصة في المجالات العلمية والهندسية‏,‏ فالجميع الآن يشيرون ويكتبون عن المهندس الاستشاري المصري د‏.‏ ممدوح حمزة‏,‏ باعتباره قمة فريدة ومبدعة‏,‏ في تصميم الأثاث والإنشاءات الهندسية‏,‏ فبعد فوز مشروعه في التصميم والإشراف علي مكتبة الإسكندرية‏,‏ بالجائزة الأولي علي مستوي العالم‏,‏ وهي الجائزة التي قدمتها مجلة أخبار الإنشاء البريطانية‏Canslsuctiannews‏ في عام‏2001,‏ حصل تصميمه للمكتبة علي جائزة الامتياز في الهندسة المدنية عن طريق جمعية المهندسين المدنيين الأمريكيين في عام‏2002,‏ وهو أول مشروع دولي من خارج الولايات المتحدة يفوز بهذه الجائزة علي مدار تاريخها‏,‏ أي منذ‏42‏ عاما‏,‏ وهذه ليست الجوائز الوحيدة التي فاز بها د‏.‏ ممدوح حمزة‏,‏ فقد حصل علي جائزة الجدارة الدولية في الهندسة المدنية‏.‏

كنت أتصور أن كل هذه الجوائز عرفت بسبب شهرة مكتبة الإسكندرية وانتشارها العالمي‏,‏ لكنني اكتشفت أنه مبدع مصري‏,‏ خلاق معروف في كل المجلات العلمية‏,‏ وتحديدا المتخصصة‏,‏ فمشروعه عن ميناء شرق التفريعة‏,‏ أثبت أن لدينا مبدعين كبارا‏,‏ حيث عالج د‏.‏ ممدوح حمزة نوعية التربة التي أنشيء عليها الميناء‏,‏ وكان من المتصور أن الميناء غير قابل للإنشاء في تلك التربة‏,‏ خاصة هذه النوعية من الإنشاءات‏,‏ إلا أن المهندس د‏.‏ حمزة عالج هذه الصعوبات‏,‏ وبتكلفة أقل‏25%‏ عن الأسعار السائدة‏,‏ فاعتبرته المجلة العلمية الهندسية أنه من المشروعات المبدعة‏,‏ ووضعت د‏.‏ ممدوح حمزة في قائمة أهم‏25‏ مهندسا لسنة‏2002,‏ وهي القائمة التي تضم مهندسين جميعهم من أمريكا وأوروبا‏,‏ ومهندسا واحدا من مصر‏,‏ وآخر من اليابان‏.‏

د‏.‏ حمزة لم يقدم كل هذه المشروعات فقط‏,‏ فقد قام بالتصميمات الإنشائية في مشروع توشكي‏,‏ الذي قدمه إلي تسعة من بيوت الخبرة العالمية‏,‏ حيث حول المحطة إلي جزيرة وحوض المصب إلي بحيرة صناعية‏.‏

لقد استطاع هذا الأستاذ المصري من جامعة قناة السويس‏,‏ أن يكون أكثر أساتذة الهندسة والإنشاءات‏,‏ ابتكارا في السنوات الخمس الماضية علي مستوي العالم‏,‏ أردت أن أقول إننا نملك هذه العقول المبدعة في كل مكان‏.‏ ولكن يبدو أن هناك بعض المسئولين يهضمون حقوق هؤلاء الأساتذة‏,‏ ولا يعطونهم مكانتهم أمام الرئيس أو الدولة‏,‏ خاصة عند تكريم العاملين بمكتبة الإسكندرية‏,‏ أو توشكي أو شرق التفريعة‏,‏ مما يجعل تلك العقول المصرية‏,‏ تشعر بالغبن‏,‏ وتلك مهمتنا‏,‏ أن نحيطهم بالعرفان‏,‏ لأنهم قدموا لبلادهم علما نافعا وأثبتوا مقدرة المصري ومكانته‏,‏ ومن الواحب علينا نكشف ونعري هؤلاء المسئولين‏,‏ ونقدم تلك العقول بكل حب واحترام وعرفان إلي الرأي العام‏,‏ فعسي أن تكون رسالة حب ليواصلوا عطاءهم‏,‏ وننزع بعضا من الغبن عنهم‏,‏ ونقول إن العمل المبدع يبقي‏,‏ والمسئول الضعيف الذي لا يحمي الإنتاج والعقول المصرية ينكشف سريعا‏.‏
فإما الزبد فيذهب جفاء‏!!‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى