مقالات الأهرام العربى

صدام وعوفاديا يوسف

من المفارقات السياسة وتصريحات الساسة أنها لا تخلو من الجنون، ونحن فى عالمنا العربى لم نعرف فى الماضى أو الحاضر، وأتوقع فى المستقبل أيضا أن تكون هناك شخصية صنعت كل هذه الانتكاسات والهزائم، وجلبت الكوارث على بلادنا ورءوسنا، مثلما فعل الرئيس العراقى صدام حسين، الذى لا يألوا ـ حقيقة ـ جهدا لاستغلال كل فرصة تسنح للخروج بالعراق من أزمته، أوعلى أى بارقة أمل تبرق لعودة طبيعية للعلاقات العربية ـ العربية التى دمرها عقب قراره الغبى باحتلال الكويت فى مطلع التسعينيات إلا وقد أهدرها.

فالرجل من هواة الخراب الشامل، رغم أنه يُضرَب هو وشعب العراق باتهام زائف، وهو حيازة أسلحة الدمار الشامل، وهو برىء حقيقة من هذه التهمة، حتى إذا امتلك هذه الأسلحة، فهو لا يستعملها إلا ضد شعبه المسكين والمستسلم الذى أصبح رهينة فى يد هذه الشخصية، التى لا نعرف لها توصيفا، وندعو خبراء علم النفس والجريمة إلى أن يساعدونا فى حل هذا اللغز المحيّر حتى الآن، والذى سيظل كذلك، فهو شىء لا يفهمه حتى  للمجانين.

ففى الوقت الذى ينتظر فيه العرب اعتذارا من صدام للخروج من حالة المرارة والتمزق السياسى الذى عايشناه نتيجة مغامراته الفاشلة، وحروبه العبثية، ومهاتراته السياسية التى لا تنتهى، وقد شغلتنا طوال الثمانينيات والتسعينيات وحتى الآن، منذ إعلان الحرب على إيران، واحتلال الكويت، ثم إفلاس العراق أغنى دولة عربية، وضياع شعبه وتمزيق الدولة، وموت الأطفال، إذ بهذه الشخصية العبثية يخرج علينا بتصريحات وخطابات وتهديدات للسعودية والكويت، تعود بالوضع العربى إلى نقطة الصفر، وإلى أجواءالحرب، حتى إن الابن المدلل عدى كتب مهددا بعودة العراق الفقير والمحاصر، الذى مازال يدفع ثمنا باهظا لمغامرة رئيسه الحمقاء بغزو الكويت، للتهديد بتكرارها.

أىة حماقة يرتكبون، وفى أى وقت يفعلون؟ هل يريدون إفساد الأجواء المهيئة لفعل عربى إيجابى لتخليص العراق من الحصار، وأن تُفتح صفحة جديدة تعطى الأمل للشعب العراقى وتخليصه من الآلام التى يعانيها؟ هل يواجه صدام حسين الضربات الأمريكية للمدنيين بهذه التصريحات التى تبرر ضربه للرأى العام العربى؟

بدلا من أن يطلب العفو ويذهب إلى العمرة والاغتسال للاستعداد للقاء ربه، فإذا به يستقوى وعلى من، على شعبه المسكين فكل مهاتراته ولغته وتصريحاته أصبحت لا تُقنع طفلا خارج العراق، بل إنها تعطى المبرر لاستخدام القوة ضد الشعب المسكين البرىء من كل أفعاله، والضحية التى تُذبح يوميا، بمذبح هذا الرئيس الذى لا يقدّر الأفعال أو الأقوال، ولا يفهم معناها وتأثيرها على مستقبل بلاده والمنطقة، ماذا نقول اللهم ألهمنا الصواب..

الذىن يبررون تصريحات صدام، يطالبون العرب بالانتباه لها، لأن اللغة المهادنة التى اتبعها فى السنوات الماضية، لم تحقق أهدافها مع العرب الخليجيين فى فك الحصار عن العراق، لذلك يشجعون هذه اللغة الجديدة، ماذا نقول لهم، لقد خلقتم لغة الحروب وفجرتم المنطقة، وأنهيتم مستقبلها، بعد أن دمرتم العراق من الداخل ولسنوات طويلة، واستمرار صدام فى استخدام لغة الحرب والتصريحات العدائية، وهو لا يقدر عليها لا تضر أحدا ولا تخيف أحدا، بل إنها تدعو إلى الشفقة والرثاء تؤذى أصحابها، كما أنها تساعد على إحكام الحصار على العراق واستمراره رهينة فى يد صدام.

تذكرت كل ذلك وقارنت بين صدام وعوفاديا يوسف، وهجومه على باراك ـ رئيس وزراء إسرائيل ـ واصفا إياه بأنه إنسان بلا عقل، لأنه يركض وراءهم »يقصد الفلسطينيين« بسرعة جنونية ليعقد سلاما، وتساءل أهذا سلام؟ وأين أمن إسرائيل؟ إنه يأتى إلينا بالأفاعى وأى سلام نقيمه مع الأفعى؟

هذا فقط جزء من كلمات زعيم شاس الحاخام عوفاديا يوسف فى درسه التقليدى الذى ألقاه فى المعبد مستطردا، يقولون إن باراك أعطاهم نصف البلدة القديمة ليصير السلام لماذا؟ ليستطيعوا قتلنا من جديد، لماذا نريدهم بجانبنا؟ ويضيف »عوفاديا« هؤلاء أبناء إسماعيل جميعهم أشرار، ملعونون جميعهم، كارهون لإسرائيل، إن الله نادم لأنه خلق الإسماعيليين، مكتوب فى الجماراة »تفسير التوراة« إن الرب يقول فى كل يوم ليتنـى لم أخلقهم..

ماذا نقول عن هذا التعصب والفكر الخَرِبْ، الذى يصنعه ويغذيه التطرف والإرهاب ودعاة عدم الاستقرار وصناع الحروب من كل الأطراف عربيا وإسرائيليا؟

منطقتنا فى حاجة إلى الأذكياء والأسوياء والأصحاء الذين ينبذون التطرف والدعاوى العفنة، ويفتحون صفحة جديدة للتعايش والاستقرار للشعوب، وكفانا إزكاء للحروب والتعصب وصناعة الجهل، واتركوا الشعوب تصنع السلام والحب بعيدا عن الديكتاتورية والمتطرفين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى