مقالات الأهرام اليومى

يوم من أيام مصر

اليوم السادس والعشرون من مارس هو يوم من أيام مصر‏,‏ يتوج به المصريون كفاحهم من أجل الدستور‏,‏ عبر عقود طويلة من الزمن‏,‏ بعد أن خضعت أربع وثلاثون مادة للحوار والنقاش والتعديل‏,‏ لتدفع بالدستور نحو التحديث‏,‏ ومواكبة التغيرات الكثيرة التي شهدها المجتمع المصري اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا‏.‏ فعبر ذلك الحوار الذي امتد شهورا‏,‏ فرض الدستور نفسه علي قطاعات عريضة من أبناء المجتمع‏,‏ واقتربت شرائح كثيرة فيه من مفهوم الدستور الغائب طويلا عن الثقافة السياسية السائدة‏.‏ ويمثل يوم الاستفتاء ميدانا آخر لاختبار قدرتنا علي المشاركة في قضايا تمس واقعنا ومستقبل أبنائنا‏.‏ وعلينا أن ندرك أن اعتراض البعض علي شيء مما انتهت إليه الغالبية‏,‏ إنما يأتي في إطار الديمقراطية التي لاتعمل بالإجماع الكامل‏.‏ ولولا ذلك المسلك المشين لبعض فصائل المعارضة بتحريض المواطنين علي المقاطعة‏,‏ لكان اعتراضهم إضافة إلي مسيرتنا وعنوانا علي صحة الطريق الذي اخترناه‏.‏ ولكنهم بمسلكهم هذا أساءوا إلي أنفسهم‏,‏ واختاروا السير في طريق سوف يقطعونه وحدهم‏,‏ ولن يتبعهم إليه أحد‏.‏

فما تحقق من تعديلات في الدستور يمثل بكل المعايير خطوة كبيرة إلي الأمام‏,‏ سوف يتردد صداها في المستقبل القريب‏.‏ وسوف يبرهن المصريون علي وعيهم بأهمية الخطوة التي تمت‏,‏ وسوف يعبرون عن وجودهم الفعال في الحياة السياسية‏,‏ ولم يعد أمامنا من بديل سوي المشاركة‏,‏ والتفاعل مع ما يجري حولنا من إصلاح‏..‏ مشاركة تؤكد حق المجتمع في الاختيار‏,‏ ورسم ملامح المرحلة المقبلة‏..‏ إن الدعوة إلي المشاركة في استفتاء اليوم ليست محاولة لقبول ما جاءت به التعديلات الدستورية‏,‏ بقدر ما هي دعوة للتفاعل الحر النشيط مع قضية لها أهميتها البالغة في تحديد الطريق إلي المستقبل‏.‏

وتأتي التعديلات الدستورية في العام الذي نبدأ فيه خطة التنمية الجديدة التي تحدد برامج العمل الوطني حتي عام‏2012,‏ وهي الخطة الأكثر طموحا في التاريخ المصري حيث تجاوز الاقتصاد سنوات الركود‏,‏ واستعاد قدرته علي جذب الاستثمارات والنمو المتواصل وأوجد المزيد من فرص العمل لتوفير سبل العيش الكريم‏.‏ وتحتاج تلك الخطة الطموح إلي إسهام جميع فئات المجتمع والالتفاف حول أهدافها‏.‏ فلم يعد لدينا لهذا الوطن أعز من أن نعمل من أجله متكاتفين حول مصالحه وغاياته العليا‏.‏ ولم تعد تجدي الشعارات والدعوات التي تريد نشر اليأس والإحباط حول كل إصلاح‏,‏ وتلك التي تعمل من أجل الوقوف مما يحدث موقف المتفرجين بلا اكتراث أو اهتمام‏.‏ فالعمل الوطني اليوم يشمل مجالات متعددة تستدعي همم الرجال للمشاركة في مسيرة بناء وإصلاح بدأت ولن تتوقف‏.‏

اليوم لابد أن نلبي نداء الوطن بالإعلان عن الرأي وتأكيد المشاركة في مرحلة فاصلة من تطورنا السياسي‏,‏ ولابد أن المصريين يدركون أن هناك قوي في الداخل ـ والخارج أيضا ـ تتربص بمسيرة الإصلاح التي بدأناها‏,‏ ولا بد أن يدرك هؤلاء جميعا أننا لانقوم بالتحديث والإصلاح استجابة لما يطلبونه أو يريدونه‏,‏ فليس عند أحد من هؤلاء لهذا الوطن من نعمة تجزي‏.‏ فقد قررنا السير في طريق نري في نهايته آمالنا وغاية مساعينا‏..‏ لن ننتظر مشورة أحد ولن نعمل إلا بكل ما يدعم قدرات هذا الوطن‏,‏ ولن نلتفت لأصوات تخرج من هنا أو من هناك‏,‏ تلمز ما أنجزنا‏,‏ أو حتي تشيد به‏,‏ فتلك مصالح وطن أعز علينا من أن نتبع فيها نصائح غيرنا‏,‏ أو أن نقايض عليها‏.‏ ولسوف يكون الاستفتاء اليوم أبلغ رد علي هؤلاء جميعا‏.‏
osaraya@ahram.org.eg

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى