مقالات الأهرام اليومى

حمــاية الطفــــل مبادرات محلية واستجابات دولية

عمل مضن وفكر خلاق لرفع الظلم الذي أوقعته الثقافة السائدة بأضعف فئات المجتمع وأكثرها أهمية وهم الأطفال‏.‏

السيدة الفاضلة سوزان مبارك أيقظت مصر والعالم علي دعوتها الجديدة‏,‏ وأيقظت جهودها المجتمع علي حقيقة ما يجري وخطورة ما يقع علي جيل يمثل مستقبل هذه الأمة‏..‏ أخذتها تلك المسئولية إلي سكان الريف وعشوائيات الحضر‏,‏ ومن أجلهم شاركت في عشرات المؤتمرات والمنتديات تنبه هنا وتحذر هناك من جنايات الكبار علي الصغار‏,‏ في تحركاتها المحلية والإقليمية والدولية كانت تنطلق من حقيقة أن مستقبلنا آمن بقدر ما نزرع الأمن في نفوس أطفالنا اليوم‏,‏ وأن غدنا أفضل بقدر ما نرعي صغار اليوم‏..‏ تؤمن بأن مستقبل العالم مرهون بحاضر أطفاله‏,‏ وأن تحسين ظروف الطفولة لايمكن أن يتحقق في إطار مبادرات محلية فقط‏,‏ فالقضية تحتاج إلي جهود دولية تدفع العالم بأسره صوب الاهتمام بالطفولة وتنقية حياتها من جرائم الكبار التي عبرت الحدود بخطاياها تجاه الأطفال‏,‏ إنها باختصار صناعة المستقبل والأمل في عالم يفتقدهما‏.‏

توقفت كثيرا أمام كلماتها التي اقتحمت واقعا مخزيا يعانيه هؤلاء الصغار في جميع أنحاء العالم‏,‏ واجهت السيدة سوزان مبارك المجتمع الدولي بالجرائم المسكوت عنها في حق الأطفال‏,‏ ففي الاجتماع الثالث للمجلس الفخري للمركز الدولي للأطفال المفقودين كشفت عن الأسي الذي يصيب الإنسان حين يصبح هؤلاء الصغار مادة لتجارة الجنس التي يتسع مداها بلا رحمة‏,‏ مليون صورة إباحية لأطفال علي شبكة الإنترنت تزيد بمعدل مائتي صورة يوميا‏,‏ جريمة لن ينجو منها أي مجتمع‏,‏ وتحذير من انحطاط يصيب العالم المعاصر في مقتل إن لم يتحرك الجميع في مواجهة تلك الظاهرة‏.‏

لم تترك هذا الملتقي الدولي دون أن تضع أطفال غزة في دائرة ضوء تكشف عن الجريمة التي ارتكبت في حق أطفال الفلسطينيين‏,‏ مئات من الآباء حملوا أطفالهم في عمر البراءة إلي مثواهم الأخير بعد أن كانوا يرجونهم ليوم رحيلهم‏,‏ مئات من المعاقين ممن ذهبت الصواريخ والقنابل بأعضائهم وتركتهم سجناء الإعاقة بقية عمرهم‏,‏ تركت الحرب في غزة آلاف الأطفال مجروحين‏,‏ مفزوعين‏,‏ وضعفاء‏.‏

وكما قالت‏:‏ ليس هذا بالقطع عالما يليق بالأطفال‏.‏ هذا العالم سوف يدخلنا في دائرة العنف التي لن تتوقف‏.‏ فالذين يعانون مرارة العنف في الصغر سوف يصبحون أسبابه ووقوده في الكبر‏,‏ ومن أجل ذلك كانت مبادرتها الدولية من اجل نشر السلام‏.‏ فمهما تكن المهمة صعبة في مواجهة متعطشي الحروب وتجار العنف‏,‏ فليس أمامنا بديل عن السلام هدفا يحقق لنا ولأجيالنا القادمة آمالهم في حياة آمنة ومستقرة‏.‏

وحماية الأطفال من أخطاء الكبار أو جرائمهم قضية بالغة التعقيد تتشابك مع الفقر‏,‏ ونقص الوعي‏,‏ وتراجع الضمير الإنساني‏,‏ وزحف المادية المقيتة علي القيم النبيلة ونقص التشريعات‏,‏ وضعف الاهتمام‏.‏ ولكنها قضية تستحق ما هو أكثر من كل جهد وكل عناء‏..‏ لقد حققنا في مصر خطوات كثيرة في هذا المجال حين أصبحنا أكثر اهتماما بالمرأة وبذلنا شيئا من الجهد في سبيل تحسين ظروفها المعيشية ورفع شيء من الظلم عنها‏.‏ فالمرأة هي الخطوة الأولي نحو بيئة أكثر أمنا للطفولة‏..‏ إن تجربتنا في رعاية الأمومة والطفولة لم تبلغ بعد حدود آمالنا ولكنها تظل خطوة واسعة علي طريق بدأناه حين انتبهنا إلي استحداث الجديد والمزيد من التشريعات التي توفر الحماية القانونية للمرأة والطفل معا‏.‏

و قد أصبحت تجربتنا المصرية ـ بفضل السيدة سوزان مبارك ـ واحدة من التجارب العالمية الرائدة التي تمثل دعما لاتجاه عالمي يتنامي يوما بعد آخر في سبيل حماية المرأة والطفل في عالم يغص بالجريمة والعنف والانحراف‏.‏ ومازالت تجربتنا المصرية بحاجة إلي دعم جميع فئات المجتمع حماية لأطفالنا وتجاوبا مع الجهود الدولية في هذا المجال‏,‏ وكما نجحنا في تحريك الشعور العام بمعاناة المرأة والطفل‏,‏ فإننا قادرون علي ترجمة هذا الشعور إلي واقع سوف نجني ثماره أمنا وسلاما في المستقبل القريب‏,‏ تحية واجبة للسيدة سوزان مبارك‏.‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى