مقالات الأهرام اليومى

مترو دبي عنوان جديد

يهمنا في مصر ما يحدث في منطقة الخليج العربي من تطورات اقتصادية وعمرانية وحركة نمو لأنهم اشقاؤنا, وما يحدث هناك ينعكس علينا بأساليب وأشكال مختلفة فاستقرار هذه المنطقة أمنيا واقتصاديا وسياسيا له مردود مباشر علي مصر والمغرب العربي كله والمشرق العربي كذلك. ومن هذا المنظور حرصت علي المشاركة في افتتاح مترو دبي, وحضرت لقاء صحفيا مميزا مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ـ ليلة الافتتاح ـ دعا اليه الاعلام العربي والغربي في إشارة ضمنية إلي أنه في الساعة التاسعة يوم 2009/9/9 سوف ينطلق مترو دبي . وهي إشارة لتعافي دبي من الأزمة الاقتصادية العالمية, وانها قبلت التحدي وسوف تخرج من هذه الأزمة بسلام .
وكان الشيخ راشد يتحدث بثقة للاعلاميين الغربيين والعرب عن أن دبي والامارات تأثرت بالأزمة وتداعياتها لأنها جزء من الاقتصاد العالمي . ويعود لشخصه ـ باعتباره قائدا وفارسا ـ عدم التردد في قبول التحدي والثقة في الخروج من الأزمة وتداعياتها الكبيرة باعتباره من بين المتضررين بها لارتباط اقتصاد دبي بالاقتصاد العالمي. ولم يتكلم بلغة الافتخار ولكنه ترك الحدث يتكلم عن نفسه.
وفي الحقيقة فان مشروع المترو في دبي والخليج حدث له مغزي لنا وعنوان عريض لاقتصاد الخليج العربي بعد الأزمة الاقتصادية, ليس لأنه أقيم في زمن قياسي وفي وقت الأزمة, ولكنه ثقافة جديدة علي هذه المنطقة التي عاشت زمن الوفرة البترولية الأولي والثانية, وفي منطقة لم تتعود أن تركب القطارات أو المترو, فهي بلاد السيارات الفارهة والطرق السريعة .
إن المترو ثقافة جديدة ينقل الفكر والتفكير لدي المواطن الخليجي من النقل والمواصلات الخاصة الي النقل الجماعي الذي يشترك فيه الناس كافة ويجمع بين أصحاب الدخول المرتفعة وعامة المواطنين. ووجوده في دبي قطعا سيكون له تأثيره علي باقي الإمارات, وسيمتد إلي دول الخليج جميعا, فهي وسيلة مواصلات جماعية مريحة وسهلة يشترك فيها الجميع فتحقق المساواة بين المواطنين, بل انها عنوان عصر جديد. عصر ما بعد الأزمة وله لغته ومقاييسه التي لا تخطئها العين. عصر تتعمق فيه الشخصية التي تصمد في وجه الإعصار, وتطوعه لإرادة الانسان الذي يقبل التحدي والمواجهة ويكون مصمما علي استكمال مشروعه أو حلمه في التطور والنمو, والذي تبرز بعده لغة جديدة ومعادلات حديثة ستكون قادرة علي مراكمة نموها بمعدلات أكبر وبسرعات متزايده تتجاوز بها فترة الأزمة ومرحلة تباطؤ النمو والحركة, عاكسه خبرات وتجارب النمو السابقة عليها وتجارب وخبرات العمل تحت ظلال الأزمة وتداعياتها وقدرات قبول التحدي والاصرار علي الاستمرارية .
نستطيع ان نقول ان دبي وحاكمها الشيخ محمد قد أعطيا لمنطقتنا العربية تجربتين متتاليتين الأولي: كانت في نمو المدن والأقاليم بسرعة وربطها بالاقتصاديات العالمية حتي أصبحت نموذجا للتنمية والتطور السريع, والثانية كانت في القدرة علي مواجهة الأزمات والركود الحاد الذي أعقب الأزمة العالمية, ثم في سرعة الخروج. وسيكون لهذه التجربة الثرية والغنية في التطور الاقتصادي تأثيراتها ليس علي منطقة الخليج العربي وحده ولكن أيضا علي المنطقة العربية كلها, بما يعكسه مشروع المترو من تكنولوجيا متقدمة, حيث جمع خبرات عالمية من الغرب واليابان في بوتقة واحدة, وقدم تطورا تكنولوجيا جديدا اخترق المدينة لمسافة 75 كيلو مترا 29 محطة, وربط بين الأطراف والمراكز التجارية والسكنية في خور دبي . وهي مقدمة رقم قياسي جديد لأطول قطار يعمل بدون سائق علي المستوي العالمي. وهذا التطور التكنولوجي حدث في حد ذاته له أهميته عند رصد الاحداث المؤثرة في منطقتنا, مع عدم اغفالنا اللوحات الفنية والجمالية التي اتسمت بها محطات مترو دبي. ولذلك يستحق منا هذا المشروع المتميز أن نهنئ أهالي الامارات وأبناء دبي به, ونقول لهم أن رسالتهم عبر هذا المشروع قد وصلت للجميع .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى