جيران وشركاء

مثلت المفاوضات الأخيرة بين مصر والاتحاد الأوروبي فرصة كبيرة للجانبين لتبادل وجهات النظر حول القضايا الشائكة في علاقاتهما والتوصل إلي صياغة متوازنة يقبلها الطرفان فلا يعني قبولنا بالنموذج الأوروبي أن ننسي قدراتنا وخصوصياتنا فنحن نعرف أننا نملك ما نقدمه لأوروبا.. مع وعينا الكامل بحاجتنا لها اقتصاديا وسياسا بل وثقافيا.. وكان الحوار مثمرا خاصة في الجانبين السياسي المشترك وقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان ومدي اتفاقها مع المعايير الأوروبية حيث ان حركة مصر في هذه المجالات في الفترة الأخيرة تدعو للاعتزاز بل والفخر..
وكان واضحا خلال جولات المفاوضات الخمس الأخيرة لسياسة الجوار الأوروبية أن مصر لن تقبل أي إملاءات يفرضها الجانب الأوروبي وأن معايير حقوق الإنسان التي يبدي الأوروبيون حرصا زائدا بشأنها في مصر لابد وأن تتفق مع تقاليد المصريين وعاداتهم.وقطعت مصر في السنتين الأخيرتين خطوات واسعة دفعت الإصلاحات السياسية تجاه حقوق الإنسان والديمقراطية والسلام والأمن مع تعميق الممارسات الديمقراطية السليمة التي تقوم علي أساس المشاركة. وحرصت مصر أيضا من خلال مفاوضات سياسة الجوار علي التأكيد علي عدم شرعية ازدواجية المعايير الدولية فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل. وسياسة مصر واضحة في هذا الشأن,فالرئيس حسني مبارك كان من أول الداعين إلي ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل مع عدم استثناء أي من بلدان المنطقة بمافيها اسرائيل.
ويدرك الجانبان المصري والأوروبي النتائج والتحديات التي ستسفر عنها سياسة الجوار الجديدة والتي تفوق في مجملها آثار اتفاق المشاركة بينهما, ومن أهمها تحديث اقتصاديات الشركاء الأورو-متوسطيين و تعميق التكامل الاقتصادي بين مصر والاتحاد الأوروبي- مقترنا بالتعاون الإقليمي بين دول جنوب المتوسط- وهو أحد الأهداف الرئيسية لسياسة الجوار للوصول إلي منطقة أورومتوسطية للتجارة الحرة بحلول.2010 وهناك أيضا فرص متنامية تتيحها سياسة الجوار للقطاع الخاص المصري لزيادة حجم صادراته إلي دول الاتحاد الأوروبي الذي يستحوذ علي40% من إجمالي صادرات مصر,وهو مايجعله أكبر شريك تجاري لنا. وتعد أوروبا أكبر مستثمر خارجي مباشر في سوقنا المحلية, وأكبر مصدر للمساعدات المالية والتمويل حيث يبلغ إجمالي القروض والمنح السنوية التي تحصل عليها مصر ودول جنوب المتوسط حوالي3 مليارات يورو.
