تنامي الدور الأوروبي في منطقتنا العربية

لا يمكن بأي شكل من الأشكال إنكار الدور الأوروبي في منطقتنا العربية,الذي لايتوقف علي المساعدات الفنية والمالية, وإنما يمتد إلي التأثير المباشر في مسار الأزمات السياسية, التي تشهدها منطقتنا خاصة فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني.
ولعل الزيارات والاتصالات المستمرة التي يجريها الرئيس محمد حسني مبارك مع مختلف العواصم الأوروبية تمثل تأكيدا علي تفهم قيادتنا السياسية للدور المحوري والمتنامي, الذي باتت تلعبه بروكسل ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن علي الساحة الدولية.
وقد وضعت الحرب اللبنانية الإسرائيلية أوزارها في منطقة مشتعلة وذكرت الجميع بأن استمرار الصراع الاسرائيلي/الفلسطيني بلا حل هو منبع عدم الاستقرار والقلق في الشرق الأوسط.بيد أن العلاقات المصرية الأوروبية تكتسب خصوصية نتيجة عوامل التاريخ والجفرافيا والمصالح المشتركة,فضلا عن إدراك العواصم الأوروبية أن القاهرة تمثل ركيزة رئيسية, وأنه لايمكن تحقيق تسوية عادلة ودائمة دون مشاركتها.
وتعكس طموحات المصريين رغبة أكيدة في رؤية موقف أوروبي أكثر استقلالية, وبعدا في توجهاته عن الموقف الأمريكي تجاه قضايانا.ومن الواضح أن الجانبين علي وشك الانتهاء من الاتفاق علي سياسة الجوار الأوروبية.فاليوم وفي ظل عالم تتغلغل فيه العولمة بشكل متزايد, لايزال الاتحاد الأوروبي الشريك الرئيسي لمصر والبلدان العربية في تجارة السلع والخدمات( أكثر من50% من تجارة المنطقة تتم مع الاتحاد الأوروبي), كما يمثل الاتحاد الأوروبي لبعض البلدان المقصد الذي يتجه إليه أكثر من70% من صادراتها. وتعد أوروبا أكبر مستثمر خارجي مباشر(36% من إجمالي حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة), وتعد بروكسل أكبر مورد للمساعدات المالية والتمويل بالنسبة للمنطقة(3 مليارات يورو سنويا قروضا ومنحا). ويعتبر الاتحاد الأوروبي أيضا المصدر الرئيسي للسياحة والوجهة الأولي للمهاجرين.
وقد حقق الجانبان تقدما كبيرا في الاتفاق علي خطة عمل متوازنة وطموح تضمن مصالح الطرفين, وتحافظ علي الهوية الثقافية المصرية, وتعمل في سبيل إدماج القاهرة وبروكسل في إطار متكامل من المشاركة السياسية والإجتماعية والاقتصادية. وتتضمن خطة العمل تدعيم الحوار السياسي وتتناول قضايا مهمة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والاقتصاد والأجندة الاجتماعية والتعليم والتدريب. كما تقدم خطة العمل إمكانية نفاذ أفضل لمصر للسوق الداخلية للاتحاد الأوروبي. ويدرك الطرفان عن اقتناع أن هناك امكانية كبيرة لتطوير العلاقات بين القاهرة وبروكسل,بما يخدم مصالح مختلف أرجاء منطقتنا العربية.
