العراق ما بعد الانتخابات

الثلاثاء 26 من جمادي الأولى 1447 هــ
العدد 50751
انتهت انتخابات العراق، ودخل المرحلة الأهم، لأن الانتخابات تحصيل حاصل، وهى مرحلة تسمى «مهام ائتلافات معقد.. ضرورة تحييد الاستئثار السياسى لفتح مرحلة جديدة عنوانها: من يحسن بناء الأغلبيات الائتلافية، ويحول الشعارات إلى برامج ؟»، فخريطة القوى لا تمنح أى كتلة أكثرية مريحة، ومازالت إيران تنظر إلى العراق باعتباره حلقة حيوية فى إستراتيجياتها الإقليمية، مع تراجع نسبى فى الهيمنة الإيرانية، رغم ارتباط الفصائل العسكرية (60 فصيلا) بها، مع اعترافنا بأن العراق يعيش مرحلة معقدة، وحرجة، تتشابك فيها التحديات السياسية، والأمنية، والضغوط الاقتصادية، والاجتماعية، وتتكاثر بشكل عميق بالديناميكيات الإقليمية، رغم تحقيق استقرار نسبى مقارنة بالسنوات الماضية. أعتقد أنه بقراءة سريعة فى الانتخابات العراقية سنجد أن كتلة السودانى، رئيس الوزراء، والتى تحمل اسم قائمة الإعمار والتنمية، قد فازت، وفى الوقت نفسه خسر رئيس الوزراء منصبه، فالتفاهمات داخل الإطار التنسيقى الجامع للشيعة لا تعطيه هذا المنصب، ومازال فوز المالكى (الشخصية الأبرز القيادية) لن يكون صاحب الكلمة الأخيرة فى اختيار رئيس الوزراء، ولكن صوته مؤثر، رغم ظهور نجم آخر ينافسه إلى حد كبير وهو قيس الخزعلى، زعيم عصائب أهل الحق، وهو فصيل محسوب كليا على الحرس الثورى الإيرانى، وفى كل الأحوال من المرجح أن يتفق قادة الإطار التنسيقى على رئيس وزراء بمواصفات محددة ثم يعرض اسمه على الأطراف شكليا، والسنة والكرد لهم مطالب، والمناصب يسعون من خلالها إلى محاولة تحقيقها، وأكثر الأسماء المتداولة لرئيس الوزراء القادم داخل الإطار التنسيقى هو حميد الشاطرى، اسم جديد يكرر تجربة مصطفى الكاظمى، رئيس الوزراء الأسبق، فهو كان مثله، ولايزال، رئيس جهاز المخابرات الحالى، والذى يبدو مقبولا من معظم القوى الشيعية، وخلفيته تدعمه، فهو من حزب الدعوة. وأخيرا، الانتخابات لم تعكس تراجعا للقوى السياسية والميليشيات المذهبية، وذلك لا يعنى أن العراق سيعيش فى منأى عن الصراعات الداخلية التى تشهدها إيران، ولكنه سوف يحاول أن يتفادى المواجهة العسكرية الأمريكية – الإسرائيلية التى بدأت فى يونيو الماضى، وأن الحكومة الجديدة مطالبة بأن تصل إلى سياسة مع واشنطن تتفادى فيها المشكلات الناجمة والمرتبطة بإيران وحروب الشرق الأوسط، هذا هو الشرط الذى وضعه الإطار التنسيقى لرئيس الوزراء القادم.
