2025حكاية فكرةمقالات الأهرام اليومى

صنع الله..اسم على مسمي!

السبت 22 من صفر 1447 هــ
العدد 50657
لم يخطئ أبوه عندما سماه «صنع الله»، فقد كان إلهاما من الخالق، وتحققت للأب أمنيته، فقد كان اسما على مسمي، ورحل الأديب، والمفكر صنع الله إبراهيم (88 عاما- 1937- 13 أغسطس 2025) بعد أن خلد عبقريته للأجيال الراهنة، والقادمة.

لم تستطع السياسة، التى انخرط فيها صنع الله مبكرا، أن تحجب رؤيتنا، وتقديرنا للأديب، والمفكر، والصحفي، وصاحب اللغة، والخيال المبهر، ولم تستطع يساريته، التى اتخذها أيديولوجية للدفاع عن المهمشين، والفقراء، لفكره، أن تصبغ أدبه، أو تحوله عن الجمال، والإبداع، والمستوى الحسابى الذى يجمع الكل، وينسينا موقع صاحبه، فظل حلو المذاق لكل الناس، وليس معتنقى فكره فقط.

لقد عاش زميلنا «صنع الله « مبدعا فى عالم الخيال، والصحافة، وقد عبر عنا، ونتذكره فى بواكير أعماله وهو يمتهن مهنة الخبر ويكتب لوكالة أنباء الشرق الأوسط، ووكالات الأنباء العالمية فى بداية السبعينيات، ونقول: ما هذا الجمال؟.. وما هذه اللغة والسردية التى تخلب العقول؟.. إلى أن خطفته السينما فذهب لدراستها فى موسكو، وفى منتصف السبعينيات تفرغ للإبداع وليس الكتابة المنفردة، وهذا سر أسطورة صنع الله الذى من أعماله الأدبية الخالدة «اللجنة» 1981، الذى انتقد فيه الانفتاح بعد مقال أحمد بهاء الدين (انفتاح.. سداح مداح)، وقد عاصر أحداث الحرب الأهلية فى لبنان فقدم «بيروت.. بيروت»، وكان صرخة لوقف الحرب بلغة أدبية بليغة هزت اللبنانيين مثلما هزت العرب، وقدم «وردة» العمانية، لأننا نقدر حضارة عمان وأهلها، ومن ينسى «ذات» المسلسل التليفزيونى الذى قدم يوميات المرأة المصرية العاملة التى عاشت التحولات السياسية الصعبة التى مرت على بلدها، والتى صمدت أمامها، والذى كتبه صنع الله بلغة مبهرة تعيش وثيقة للأجيال القادمة؟!

وأخيرا، لقد كان صنع الله إبراهيم زاهدا فى الدنيا، ورحل ناسكا يسعى الناس إليه ولا يسعى لأحد، وقد أحبه الناس، وكان صادقا مع نفسه، واختار أن يخلد فى ضمير الوطن، وتحقق له ما يريد كاتبا يستحق كل التقدير، وكل الجوائز، وأهمها أن نقول له إنك ستعيش طويلا، والكل سوف يأخذ عنك، ومنك، ولك، ولأنك صاحب الأدب التوثيقي، والاجتماعى المبهر، والجميل- رحمك الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى