ماكرون فى مصر.. المخرج والمشهد المأزوم!

الثلاثاء 9 من شوال 1446 هــ
العدد 50527
مصر بسياستها الحكيمة الموزونة تحتفظ بمكانتها دوما بتأثيرها فى ملفات معقدة، وتملك القدرة على جمع خيوط التناقضات مهما تبلغ صعوبة الظروف وتعقيداتها، والرئيس عبدالفتاح السيسى يملك قدرة تحريك الأمور للوصول إلى هدفه وهو تحقيق المصالح العربية، والمصرية العليا، ويستطيع دوما تحريك الملفات، وقد شهدناه بعد أحداث أكتوبر والقمة الفاعلة المباشرة، واستمراره فى دعم أهالى غزة طوال عام ونصف العام، وصولا إلى القمة العربية التى طرحت مشروع إعادة تعمير وبناء غزة، ثم الطروحات الأخيرة لإعادة الهدنة، والإفراج عن الأسرى، ووقف الحرب، والتهجير، والتشريد لغزة.
أعتقد أن القمة الفرنسية – المصرية، وزيارة الرئيس ماكرون تأتى لتأكيد هذه المكانة، والرؤية الرفيعة التى اكتسبها الرئيس السيسى، وأضافها إلى الرصيد المصرى فى تاريخ دولة فلسطين، وصراعنا لتحقيق مصالح شعبها على أرضها، كما أن القمة الأوروبية التى يمثلها الرئيس الفرنسى تجيب عن سؤال الساعة: من يعمل لمصلحة فلسطين وشعبها بلا كلل أو ملل؟، حيث سيعرف أن التحرك المصرى، وزيارة الرئيس الفرنسى تزامنت مع الحالة الحرجة لرئيس الوزراء الإسرائيلى الذى ذهب إلى الحضن الأمريكى لينقذه من جديد وهو متلبس بجرائم قتل الأطفال والمدنيين، وسوف يقتل الأسرى الإسرائيليين كذلك لكى يستمر فى موقع رئيس الوزراء، ويهرب من المحاكمات الجنائية داخل بلاده على أشلاء ودماء الضحايا، كما أن زيارة ماكرون لمصر تأتى لإعادة تموضع فرنسا وأوروبا فى مشهد دولى مأزوم، وقد وجدتا مصر بوابة موثوقة للنفاذ إلى عمق الأزمة الفلسطينية، فمصر ليست دولة جوار لغزة بل هى الطرف الوحيد الذى يملك مفاتيح التهدئة، وإدارة اللحظة المتفجرة، وماكرون أثبت أنه يدرك حجم التحولات فى موازين القوى العالمية، ويدفع باتجاه تحالفات ذكية تضع بلاده أوروبا فى قلب المعادلة الإقليمية لا على هامشها.
وأخيرا، فإن الزيارة الفرنسية التى تبدأ من قصر الاتحادية إلى العريش ستكون بالقطع الرسالة الموجهة لإسرائيل، بل لأمريكا معها، أن الحراك الدولى آخذ فى التصاعد، والتمادى فى الحرب لن يمر دون كلفة سياسية، وعلى الأمريكيين أن يلجموا نيتانياهو وإسرائيل.. إنها رسالة عربية- أوروبية واضحة أن تباطؤهم سيملؤه آخرون.
